“آل بونغو”..أعمدة إفريقيا الفرنسية

“آل بونغو”..أعمدة إفريقيا الفرنسية

وضع الانقلاب العسكري في الغابون، بتاريخ 30 غشت المنصرم، حدّا لـ56 سنة من حكم عائلة بونغو، الذي استند على عائدات  النفط وعلاقاتها مع فرنسا. “البهجة24” ترجمت مقالا بعنوان “الثروة المخفية لعائلة بونغو”، نشره موقع “ميديا بارت Mediapart” الفرنسي، صباح اليوم الموالي للانقلاب، للصحفي “فاني بيجو Fanny Pigeaud”.

يتحدث المقال عن الظروف التي وصل فيها عمر بونغو، الضابط السابق في الاستخبارات الفرنسية، للسلطة، و الدعم القوي الذي ظل يحظى به من طرف فرنسا، في مقابل حفاظه على مصالحها و إطلاق يد شركاتها للاستفادة من البترول، فلازالت مقولته “إفريقيا بلا فرنسا هي سيارة بدون سائق، و فرنسا بلا إفريقيا هي سيارة بدون وقود” يتردد صداها معبرّة عن ولائه المطلق لها.

 

ضابط سابق في الاستخبارات الفرنسية رئيسا للغابون

 لولا النفط، هل كنا سنتحدث اليوم عن عائلة بونغو؟ على الأرجح لا.

 يرتبط تاريخ هذه العائلة، التي سيطرت على جميع مفاصل الدولة في الغابون، بشكل وثيق، بتاريخ أموال الذهب الأسود، التي تدفقت بوفرة على مرّ العقود، و كان لشركة “إلف” ثم “توتال” امتياز الوصول إليها.

بدأ كل شيء مع جاك فوكار، مستشار قصر الإليزيه للشؤون الإفريقية، من 1959 إلى 1974. نحن في سنة 1965، و رئيس الغابون، ليون مبا، الذي وضعته فرنسا في السلطة كأول رئيس للجمهورية بعد الاستقلال، يعاني من مشكلة صحية. فوكار و الجنرال ديغول يبحثان عن خلف له يكون مسؤولا عن الحفاظ على مصالح فرنسا في قطاع النفط، وكذلك في قطاعي التعدين والغابات في الغابون.

اختار جاك فوكار في النهاية ألبير بيرنار بونغو، البالغ من العمر 32 عاما، مدير مكتب الرئيس. في البداية، لم يكن مقتنعا تماما بقدرة بونغو، الضابط السابق في الجيش الفرنسي.كان فوكار يعتقد بأن بونغو “شاب يعرف ما يريد. قد يكون لديه الحزم، و لكن ليس لديه القدرة على الحكم”.

بعد إعادة النظر في هذا الانطباع الأولي، قام رجال فوكارت، بمن فيهم  سفير فرنسا في ليبرفيل، بتعديل دستور الغابون لكي يتسنى للشاب ألبير برنار بونغو أن يخلف ليون مبا، عندما توفي هذا الأخير بسبب مرض السرطان، في 1967، بعد أشهر قليلة فقط من إجراء انتخابات رئاسية سريعة. أكمل بونغو ولاية الرئيس الراحل التي تستمر حتى 1974.

“إفريقيا وقود فرنسا”

  ألبير برنار بونغو، الذي أصبح عمر بونغو أونديمبا بعد اعتناقه الإسلام، في أوائل السبعينيات، تولى السلطة في ظل ارتفاع متنامٍ لإنتاج النفط وعائداته ، لدرجة أن الغابون أصبح واحدا من أكبر منتجي البترول في إفريقيا.

بفضل هذه الثروة غير المتوقعة، أصبح عمر يغدق على الجميع: الأحزاب السياسية الفرنسية، و جزء من المعارضة، و عائلته. و في الأوقات العصيبة يمنحه “البترودولار” القوة لحسم القضايا أمنيا. ومع ذلك، ظل يحتاج إلى دعم فرنسا عسكريا عندما تواجهه الاحتجاجات، كما حدث في 1990 بعد وفاة أحد معارضيه، و في 1993 بعد انتخابات رئاسية مزورة.

علاقته مع باريس تكاد تكون غير قابلة للزعزعة. فقد كان يضع أمواله في البنوك الفرنسية، و لديه أصول عقارية مهمة بفرنسا. و تمتلك شركاتها احتكارات كبيرة في بلاده، و القوات العسكرية الفرنسية تحتفظ بقاعدة عسكرية مهمة في ليبرفيل…أصبح عمودا متينا في إفريقيا الفرنسية. “إفريقيا بلا فرنسا هي سيارة بدون سائق، و فرنسا بلا إفريقيا هي سيارة بدون وقود”، هكذا صرّح في مقابلة مع جريدة “ليبيراسيون” في سنة 1996.

العائلة الكبيرة

 من خلال حزبه “الديمقراطي الغابوني”، الذي تأسس في 1968 و كان حزبا وحيدا حتى 1990، حاول أن يبنى لنفسه قاعدة جماهيرية كبيرة، سياسية و إدارية. و حرص دائما على أن تعيق الطموحات المالية والسياسية لبعض الأشخاص طموحات الآخرين. و قد سهلت عليه الكثافة السكانية المنخفضة السيطرة على البلاد.

و بالقدر نفسه الذي كانت تتسع دائرة تحالفاته السياسية بزيجاته المتعددة، كانت العائلة تكبر. فقد كان لديه عدد كبير من الأبناء، إذ أقرّ بحوالي خمسين طفلا، بينهم العديد من الذين قام بتبنيهم. حتى إنه تجاوز حدود الغابون لتوسيع العائلة، فقد تزوج، في 1990، من ابنة رئيس الكونغو المجاور، دينيس ساسو نغييسو، و أنجبت له طفلين.