أستاذ جامعي: هذه عناصر قوة المخابرات المغربية التي جعلت فرنسا تطلب مشاركتها في تأمين أولمبياد باريس

أستاذ جامعي: هذه عناصر قوة المخابرات المغربية التي جعلت فرنسا تطلب مشاركتها في تأمين أولمبياد باريس

في هذا الحوار يوضح يوسف شهاب، أستاذ بجامعة السوربون/ باريس الشمالية، المتخصص في القضايا الجيوسياسية، عناصر قوة المخابرات المغربية التي تدفع دولة عظمى، مثل فرنسا، لطلب مشاركتها في تأمين الألعاب الأولمبية بباريس، الصيف المقبل.

طلبت فرنسا رسميا مشاركة المغرب في تأمين أولمبياد باريس..هل تعتقدون أن أجهزة الاستخبارات بالممكلة بكل هذه القوة؟

تدرك فرنسا أن الشرطة المغربية تتمتع بخبرة لا جدال فيه في تأمين الفعاليات و الأحداث الكبرى، مثل المؤتمرات الدولية والتمثيليات الدبلوماسية و الفعاليات الرياضية العالمية أو القارية.

علاوة على ذلك ، منحت الهيئات الدولية، مثل الاتحاد الدولي لكرة القدم “فيفا” أو الاتحاد الإفريقي لكرة القدم “كاف”، موافقتها على تنظيم المغرب للعديد من التظاهرات الرياضية على المستوى القاري، مثل كأس الأمم الإفريقية 2025، و لاحقا كأس العالم 2030 مع إسبانيا و البرتغال.

كل ذلك لم يكن ممكنا إلا بعد حصول قوات الأمن المغربية على تقدير لمساهمتها في تأمين بطولة كأس العالم التي أقيمت في قطر، سنة 2022، سواء على مستوى حفظ النظام و إدارة الحشود الجماهير و ردع الشغب، أو على مستوى تجنب المخاطر الإرهابية العالية جدا التي كانت تهدد قطر.

تعد دورة الألعاب الأولمبية 2024 في باريس حدثا ذا مخاطر عالية جدا نظرا التهديدات التي تواجهها فرنسا في مجال الإرهاب، و أعمال الشغب التي اندلعت في المناطق الهامشية في منطقة باريس.

الأمر ليس الأمر متعلقا بالقوة، بل بكفاءة أجهزة الاستخبارات التي ألخصها في مفهومين: الفعالية و الاستباقية. هذه هي العناصر الأساسية لعقيدة أجهزة الاستخبارات المغربية.

خلال زيارته الأخيرة للمغرب تحدث وزير الداخلية الفرنسي عن دور المخابرات المغربية في مكافحة الإرهاب بفرنسا و أوروبا..كيف تقيمون هذه المساهمة؟

إن تصريح وزير الداخلية الفرنسي جيرار دارمانان (Gérard Darmanin) بشأن مساهمة و فعالية  أجهزة المخابرات المغربية في مكافحة إرهاب الجماعات الجهادية أو غيره من أشكال الإرهاب، يأتي ليعزز و يعيد التأكيد على الخبرة المغربية المعترف بها دوليا.

و في هذا الصدد، فإن الوزير الفرنسي، و كذا نظرائه من دول الإتحاد الأوروبي و مختلف أجهزة الاستخبارات الأمريكية، يطلبون بانتظام من المغرب المساعدة في تفكيك الشبكات الإرهابية و توقّع تحركاتها، سواء في الشرق الأوسط أو شمال إفريقيا أو أوروبا.

أولا، تكمن مساهمة أجهزة الاستخبارات المغربية في قدرتها على جمع المعلومات الإستخبارية البشرية، و قدرتها على العمل مع مختلف أجهزة الاستخبارات الغربية و العربية و الإفريقية، ففي مواجهة موجة الهجمات التي هزت فرنسا، بين عامي 2012 و 2017 ، نشر المغرب قوته الإستخباراتية الضاربة في المناطق التي توجد بها جالية مغربية كبيرة.

ثانيا تأتي الإدارة المشتركة للشأن الديني التي أوكلت إلى المغرب في أوروبا، و قد أتاح ذلك لأجهزة الاستخبارات المغربية المختلفة اختراق و تعقب و تجنب العمليات الإرهابية، سواء الإرهاب التابع لتنظيمات جهادية، مثل داعش أو القاعدة، أو خلايا نائمة، أو حتى الذئاب المنفردة.

هل لديكم حقائق محددة تثبت كلامكم؟

هناك العديد من الأمثلة على مساهمة أجهزة المخابرات المغربية في مكافحة الإرهاب. على سبيل المثال، تفكيك و تحديد موقع المجموعة الإرهابية في بروكسيل المسؤولة عن مجزرة باتاكلان (Bataclan) في باريس، بتاريخ 13 نونبر 2015، و الذي لم يكن ممكنا إلا بفضل المعلومات القيمة التي قدمها المغرب بشأن  الكوماندوز (commando) عبد الحميد أبا عود و صلاح عبد السلام، مما أتاح للمديرية العامة للأمن الداخلي و وحدة التدخل التابعة للشرطة القضاء على المهاجمين.

و في الوقت نفسه تم إحباط العديد من المخططات الهجومية بفضل المساهمة الحاسمة المسبقة لأجهزة الاستخبارات المغربية. و بذلك يعد المغرب واحدا من الدول العربية القليلة والجهاز الإستخباراتي الوحيدة فئ إفريقيا الذي يتقن مفهوم التشغيل البيني (العمل مع مختلف أجهزة الاستخبارات الغربية و العربية و الإفريقية).

و على الرغم من الأزمات السياسية أو الدبلوماسية الدورية بين المغرب و فرنسا، فإن التعاون الأمني بين البلدين ما انفك يتطور نظرا للتشابه بين الهياكل التنظيمية الأمنية في البلدين، و تعرّضهما لنفس المخاطر الإرهابية، سواء كانت محلية، نائمة أو تابعة المنظمات إرهابية في الشرق الأوسط.

كيف يتم التعاون المغربي الفرنسي على الصعيد الأمني؟

التعاون بين أجهزة الأمن والاستخبارات وثيق للغاية في البلدين. و يعود تاريخه إلى عهد الملك الراحل الحسن الثاني. و قد تم دائما تعزيزه و تقويته على الرغم من التوترات الدبلوماسية الدورية بين الرباط وباريس كما سبق و أوضحت.

 

 يوسف شهاب دكتور في الجغرافيا البشرية. مدير الأبحاث في مركز أبحاث الاستخبارات الفرنسي. متخصص في الإسلام السياسي، و محاضر في المدرسة الوطنية العليا للشرطة بباريس.

المصدر : Maroc Hebdo