الداكي: لا يمكن أن تتحقق العدالة الجنائية إلا إذا تحلى المكلف بالبحث بالموضوعية و التشبع بثقافة حقوق الإنسان
أكد مولاي الحسن الداكي، رئيس النيابة العامة/الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بأن العدالة الجنائية، باعتبارها من أهم الآليات الضامنة لسيادة الأمن و النظام و الاستقرار داخل المجتمع، لا يمكن أن تتحقق إلا إذا تحلى الشخص المكلف بالبحث الجنائي بمبادئ الموضوعية و الحياد و التشبع بثقافة حقوق الإنسان، التي تجعله قادرا على ضمان تمتيع المشتبه فيهم بكافة الحقوق الممنوحة لهم قانونا، مع ضرورة توفره على حس إنساني يمكّنه من حسن استقبال المشتكين و الضحايا و التواصل معهم بلطف و لين تكريسا لحق تيسير الولوج إلى العدالة، فضلا عن مراعاته للضوابط الأخلاقية و المهنية أثناء مباشرة المهام المنوطة به، وفق ما يضمن شفافية البحث و الإجراءات المرتبطة به، و يشيع الاطمئنان لدى كافة أطراف الخصومة الجنائية.
جاء ذلك في كلمته خلال افتتاح أشغال اللقاء التنسيقي بين رئاسة النيابة العامة و المديرية العامة للأمن الوطني و المديرية العامة للمحافظة على التراب الوطني و قيادة الدرك الملكي، اليوم الأربعاء 8 نونبر الجاري.
و تابع بأن تحقيق العدالة الجنائية يفرض على الفاعلين في إطارها التعاطي بالجدية اللازمة والصارمة مع الجرائم المرتكبة، و إيقاف مقترفيها و البحث معهم بشأنها، و جمع الأدلة عنها، مع مراعاة كل الضوابط القانونية المؤطرة للبحث الجنائي، بما في ذلك تلك التي لها صلة بضمان حقوق المشتبه فيهم و الضحايا.
و أوضح الداكي بأن اللقاء التنسيقي يهدف إلى تدارس آليات تنزيل التوصيات والمخرجات التي أسفرت عنها الدورات التكوينية التي سبق تنظيمها حول موضوع: “العدالة الجنائية وآليات تجويدها بين متطلبات تحقيق النجاعة وتعزيز القيم والأخلاقيات المهنية” ، و التي انعقدت، من 24 ماي إلى 14 يوليوز 2023، بمدن: فاس، مراكش، الدار البيضاء، أكَادير، و طنجة، مشيرا إلى أن اللقاءات التنسيقية الجهوية استفاد منها حوالي 1000 مشارك، بينهم مسؤولون قضائيون عن النيابات العامة، و قضاة التحقيق بمختلف المحاكم، و مسؤولون عن مصالح الشرطة القضائية بكل من الإدارة العامة للأمن الوطني و قيادة الدرك الملكي بالإضافة إلى ضباط الشرطة القضائية.
و أضاف بأن الدورات التكوينية استهدفت البحث عن الآليات الكفيلة بتجويد أساليب البحث الجنائي وتكريس مبادئ النزاهة و الشرف و المروءة لدى المكلفين بإنجازها، وتطوير قدراتهم بشأن إدارة البحث من خلال طريقة الاستماع و انتقاء الأسئلة الهادفة و المثمرة، و البحث عن الأدلة و التفاعل الإيجابي مع كل المعطيات التي قد تفيد في النازلة موضوع التحري، و تفادي الإجراءات التي قد تعرقل حسن سيره أو تعطل مساره، و تحسيسهم بأهمية مواكبة التطور الذي صاحب ارتكاب بعض الجرائم من خلال تعزيز قدراتهم بخصوص اعتماد الأدلة العلمية و الرقمية و الخبرات التقنية، و كيفية أخذ العينات من مسرح الجريمة حفاظا على آثارها، خاصة إذا ما تم استحضار أهمية ذلك في فك لغز الجرائم المعقدة، التي يعتمد مرتكبوها على وسائل تقنية و علمية يصعب الكشف عنها بواسطة طرق البحث التقليدية.
و اعتبر بأن أهمية انعقاد هذا اللقاء التنسيقي تكمن في كونه سيؤسس لمرحلة جديدة من ضبط آليات التنسيق و توحيد أساليب العمل بين مكونات الشرطة القضائية و النيابة العامة، و سيتم استخلاص ذلك من قيمة المواضيع التي ستُدرس، و المتمثلة في ثلاثة محاور: تدبير الأبحاث الجنائية، و تعزيز التواصل و تكريس المبادئ و القيم الأخلاقية، و البحث الجنائي وحماية حقوق الإنسان.