العميد يوسف البحيري:القرار 2703 أكد الإجماع الدولي حول مخطط الحكم الذاتي والتوجه نحو الطي النهائي لملف الصحراء المغربية
العميد يوسف البحيري، أستاذ القانون الدولي بكلية الحقوق بمراكش
أصدر مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، يوم 30 أكتوبر 2023، القرار 2703 المتعلق بقضية الصحراء المغربية، و الذي يمدد ولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء المغربية “المينورسو” لمدة سنة، إلى غاية نهاية أكتوبر 2024. و أول ملاحظة أساسية يمكن تقديمها بشأن هذا القرار المتزن والعادل، هو أنه يحدد بشكل دقيق مسؤولية الجزائر كطرف مباشر في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية، و يلزمها بالدخول المباشر والواضح في المفاوضات السياسية والجلوس على طاولة المفاوضات مع المملكة المغربية.
ومن جانب ثانٍ، يحمّل القرار 2703 الجزائر المسؤولية السياسية والأخلاقية أمام المجتمع الدولي في البحث عن التسوية السلمية والنهائية لهذا النزاع الإقليمي المفتعل حول الصحراء المغربية، والذي يعطل المسيرة التنموية والاقلاع الاقتصادي لمنطقة جنوب البحر الابيض المتوسط.
كما أن بيان القرار 2703 ذاته يحمل بين طياته دلالات عميقة، فهو يشير الى الجزائر في الصياغة النهائية بصفتها طرفا مباشرا في النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية ست مرات، وهو نفس عدد المرات التي ذكر فيها المغرب. وبالتالي فبيان القرار 2703 هو بمثابة إعلان نهائي للاكاذيب والمناورات التي تختبئ وراءها الاطروحة الجزائرية التي ترددها في المحافل الدولية بأنه ليست لها أطماع اقتصادية وأهداف جيواستراتيجية في الاقاليم الجنوبية للمملكة المغربية، وأن ما يهمها في الأمر هو الدفاع عن تقرير المصير الذي انتهى العمل به في السبعينات من القرن الماضي، مع تصفية الاستعمار الاوروبي.فتقرير المصير يحمل طابعا ايديولوجيا خاصا، فهو يشكل ورقة تستغلها الجماعات الانفصالية لتهديد الإستقرار والوحدة السياسية للدول، لأن تطبيقه قد يشكل مساسا بسيادة وسلامة أقاليم الدول الأطراف.
وعلى هامش القرار 2703 المتعلق بقضية الصحراء المغربية، أبانت أشغال مجلس الأمن عن التشبت بمشروعية الاقتراح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي كحل سياسي لقضية الصحراء المغربية، في اطار السيادة المغربية، والذي يندرج في سياقات الحلول السلمية و بمبادئ الامم المتحدةقصد تحقيق الاستقرار في المنطقة، وهو ما قد يفسر على أن مجلس الأمن يسير في اتجاه الطي النهائي لملف الصحراء المغربية، من خلال التأكيد على أن مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل النهائي وفق مبادئ القانون الدولي و ميثاق الامم المتحدة.
ومن الملاحظات الهامة كذلك هو الموقف الفرنسي داخل مجلس الأمن، الذي أكد خلال جلسة اعتماد القرار 2703 المتعلق بقضية الصحراء المغربية عن الدعم التاريخي والدائم لفرنسا للمقترح المغربي المتعلق بالحكم الذاتي كحل سياسي وحيد لتحقيق الاستقرار في المنطقة. وهو ما يمكن تفسيره بالاعتراف بالسيادة المغربية على الاقاليم الجنوبية و والاعلان عن التقارب مع المغرب الحليف التاريخي والاستراتيجي و التجاوب مع شرط الاعتراف بمغربية الصحراء لتجاوز الازمة الدبلوماسية بين البلدين.
فالاجماع الدولي والإقليمي داخل هيئة الامم المتحدة حول مخطط الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، يشكل ضربة موجعة للأطروحة الانفصالية و تصدعا قويا في بنيان الجزائر وجبهة البوليساريو التي تتاجر بالوضعية غير الانسانية للمدنيين المحتجزين بتندوف كورقة ابتزاز للحصول على المساعدة الانسانية من طرف المجتمع الدولي.