بعد قرار محكمة النقض..هل ترفع العمدة المنصوري دعوى لاسترجاع الأموال المبددة من المدانين في قضية كازينو السعدي؟

بعد قرار محكمة النقض..هل ترفع العمدة المنصوري دعوى لاسترجاع الأموال المبددة من المدانين في قضية كازينو السعدي؟

بعد حوالي 10 سنوات على رفعها القاعدة القانونية “الجنائي يعقل المدني” على أسنة رماح اختصاصاتها كرئيسة للمجلس الجماعي لتبرير عدم إقامة دعوى قضائية للحجز التحفظي على ممتلكات المتابعين في قضية “كازينو السعدي”، ينتظر متتبعو الشأن المحلي بمراكش و نشطاء حماية المال العام أن تتحرك عمدة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، لاسترجاع أموال الجماعة المبددة، بعدما قضت محكمة النقض، الأربعاء 18 دجنبر الجاري، برفض طلب الطعن بالنقض الذي تقدم به المتهمون في القضية المتعلقة بـ”الاختلالات المالية التي عرفتها بلدية المنارة ـ جليز”، خلال ترؤس القيادي الاستقلالي، عبد اللطيف أبدوح، لمجلسها بين 1997 و 2003، و التي صدر بشأنها تقرير عن المفتشية العامة للإدارة الترابية أكد بأن “أكثر من 44 مليار سنتيم ضاعت في تفويت المجلس المذكور لأملاك جماعية لفائدة مؤسسات فندقية و خواص بأثمنة بخسة و في أجواء غابت فيها الشفافية”.

فبعد انطلاق المحاكمة الابتدائية، حضر محامي البلدية جلستين، التمس في إحداها استدعاء الوكيل القضائي للمملكة، قبل أن يتوارى عن الأنظار و لم يعد يظهر له أثر خلال باقي الجلسات.

و لم تنصب الجماعة نفسها طرفا مدنيا، و لم تطعن بالاستئناف في الحكم الابتدائي حتى يتم استدعاؤها خلال المحاكمة الاستئنافية.

و إثر إصدار غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال باستئنافية مراكش حكمها، مساء 19 فبراير 2015، بإدانة 9 متهمين بأحكام بلغ مجموع مددها 28 سنة سجنا نافذا، كان نصيب أبدوح منها 5 سنوات سجنا نافذا، و مصادرة الشقق التي يملكها بتجزئة “سينكو” و تمليكها لخزينة الدولة، للاشتباه في أنه تسلمها كرشوة لتسهيل حصول صاحب المشروع على الترخيصات و شهادات السكن، بررت العمدة المنصوري تقاعس الجماعة عن رفع دعوى للحجز التحفظي على ممتلكات المتهمين بقاعدة “الجنائي يعقل المدني” التي مفادها “وقف الدعوى المدنية لحين البت في الدعوى الجنائية”.

و تابعت، في تصريح سابق لجريدة “أخبار اليوم”، أنها تنتظر أن يصدر في الملف حكم نهائي و يصبح حائزا لقوة الشيء المقضي به، لتبني على الشيء مقتضاه.

و كان متتبعون محليون أرجعوا موقف القيادية في حزب الأصالة و المعاصرة لـ”اعتبارات سياسية”، خاصة و أن ثلاثة من نوابها، خلال الفترة الانتدابية الممتدة بين 2009 و 2015، كانوا متابعين في الملف، بالإضافة إلى كاتب المجلس.

و لم يكن الوضع أفضل حالا في عهد خلفها محمد العربي بلقايد، القيادي في حزب العدالة و التنمية، الذي أعلن، خلال ندوة صحافية، في بداية فترة رئاسته للمجلس الجماعي، عن عدم رفع أي دعاوى قضائية للحجز التحفظي على ممتلكات المتابعين في ملفات الفساد المالي، معللا قراره بأن هذه القضايا “لم تصدر فيها بعد أي أحكام قضائية نهائية”.

من جهتهم، اعتبر نشطاء حماية المال العام أن تنصيب المجلس طرفا مدنيا و رفع دعوى قضائية للحجز التحفظي على ممتلكات المتابعين في هذه الملفات ليس سوى إجراء تحفظي خشية تفويت ممتلكاتهم لأفراد من عائلاتهم أو بيعها قبل صدور الأحكام النهائية، و هو إجراء قالوا إنه “لا يؤثر في استقلالية القضاء، و لا على مسار المحاكمة، و لن يستغرق وقتا طويلا، و لم يكن ليكلف سوى 100 درهم عبارة عن رسوم قضائية، فضلا عن أنه يدخل في إطار اختصاصات رئيس المجلس الجماعي”.

و حذروا من أن التقاعس عن القيام بهذه الإجراءات من شأنه أن يعرّض رئاسة المجلس الجماعي للمساءلة القانونية عما وصفوه بـ”التفريط في حقوق الجماعة”.

و خلصوا إلى أن التنازل عن النيّابة في هذه الملفات و عدم القيام بالإجراءات التحفظية بذريعة انتظار صدور الأحكام النهائية، سيضيّع وقتا طويلا و سيضطر المجلس، في حالة إدانة المتهمين، إلى رفع دعاوى قضائية مدنية مستقلة ستكلف مالية الجماعة رسوما قضائية بملايين الدراهم.

في غضون ذلك، دعت الجمعية المغربية لمحاربة الرشوة “ترانسبرانسي المغرب”، الطرف المدني الوحيد الذي ظل محاميه يحضر جلسات المحاكمتين الابتدائية و الاستئنافية، (دعت) مجلس المدينة لـ”تقديم توضيح و تبرير للرأي العام عن إحجامه عن تنصيب نفسه طرفا مدنيا في القضية”.

كما دعت، في بلاغ أصدرته الخميس 19 دجنبر الحالي، الوكالة القضائية للمملكة إلى “اتخاذ الإجراءات المناسبة ضد المدانين”، خالصة إلى أنه “لا مصداقية للخطاب المناهض للفساد ما لم يقترن بمواقف واضحة في هذا المجال”.