أطفال محرومون من الهوية بسبب رفض المستشفى الجامعي بمراكش تسليم شواهد الولادة بذريعة عدم أداء مصاريف الاستشفاء

رغم صدور أحكام قضائية ألغت قرارات مماثلة، مازالت إدارة المستشفى الجامعي بمراكش ترفض تسليم أمهات شواهد ولادة أبنائهن بذريعة عدم أدائهن مصاريف الاستشفاء.
فالعديد من المواطنين يتوافدون على المصالح المختصة بعمالة مراكش وبالعمالات المحيطة بها للتشكي من رفض المستشفى الجامعي منحهم شواهد الولادة لتسجيل أبنائهم في سجلات الحالة المدنية بمبرر عدم أداء مصاريف الولادة، وهو ما يعتبرونه “خرقا ومصادرة للحق في التسجيل في الحالة المدنية كركيزة أساسية للتمتع بكافة الحقوق الأخرى، ولا سيما الحق في التغطية الصحية والحق في التعليم”.
كما يعتبرون الرفض “عرقلة لمجهودات وزارة الداخلية في تعميم التسجيل في الحالة المدنية، وتقويضا لمجهودات الدولة في تعميم التغطية الصحية كورش ملكي”، ناهيك عن كونه “يتناقض مع إجبارية التسجيل في الحالة المدنية بالنسبة للمغاربة”.
ومن بين الحالات المسجلة حالة “ن.ب”، المنحدرة من إقليم الرحامنة، والتي وضعت مولودا بالمركز الاستشفائي الجامعي بمراكش، بتاريخ 17 أكتوبر 2024، والذي مازال، رغم مرور أكثر من 9 أشهر على ولادته، غير مسجل بدفتر الحالة المدنية بسبب امتناع إدارة المستشفى عن تسليم أمه شهادة ولادته بدعوى عدم أداء المصاريف المحددة في 3000 درهم.
وتشتكي بعض الأمهات المطلقات من استغلال أزواجهن السابقين لقرار المستشفى الجامعي في حرمان الأبناء غير المسجلين في دفاتر الحالة المدنية من حقهم في النفقة.
وتشير المشتكيات إلى أن أغلبية النساء، اللائي تتم إحالتهن على المركز الجامعي من مستشفيات المدن والجماعات المحيطة بمراكش، يعانين من الفقر والهشاشة، وهو ما يحول دون أدائهن مصاريف الولادة، التي تبدأ من 300 درهم وتصل إلى 3000 درهم في حالة الولادة القيصرية.
ويطالب المواطنون المشتكون وزير الصحة والحماية الاجتماعية ووالي جهة مراكش-آسفي بالنيابة بالتدخل لدى إدارة المستشفى لوقف ما وصفوه بـ”خرق القانون”، و”إلزامها باحترام الأحكام القضائية الصادرة باسم جلالة الملك”.
يُذكر أن المحكمة الإدارية بالرباط أصدرت، بتاريخ 12 فبراير 2019، حكما تحت عدد 542 في الملف 684/7110/2018، قضى بإلغاء قرار إدارة مستشفى عمومي بالمدينة نفسها، امتنع فيه عن تسليم مواطنة أجنبية شهادة ولادة ابنها بعلة عدم أدائها مصاريف الاستشفاء.
وأكد الحكم بأن “تقاعس إدارة المستشفى الذي وضعت فيه المدعية مولودها عن تسليمها شهادة الولادة بغض النظر عن أي مبرر مرتبط بعدم القدرة على دفع مصاريف الولادة أو غيره، يتنافى مع القانون المنظم للحالة المدنية والاتفاقيات الدولية ذات الصلة، ويشكل مساسا بالحقوق الأساسية التي تكفلها هذه المقتضيات القانونية، سواء للمغاربة أو للأجانب على حد سواء، وخاصة مبدأ تقديم مصلحة الطفل باعتبارها مصلحة فضلى أولى بالرعاية والاحترام أكثر من أي التزام قانوني آخر، وكذا مبدأ عدم التمييز بسبب الجنس أو العرق أو الدين، ويجعل رفضها تسليم هذه الشهادة قرارا سلبيا مشوبا بعيب مخالفة القانون الموجب لإلغائه وترتيب الآثار القانونية على ذلك”.
واعتمدت المحكمة في تعليل حكمها على مقتضيات اتفاقية حقوق الطفل، مؤكدة على أن “الحق في الهوية والاسم هو من الحقوق الأساسية للطفل المضمونة بمقتضى الاتفاقيات الدولية ومنها اتفاقية حقوق الطفل، والتي أكدت على أهمية تسجيل الولادة لإثبات الوجود القانوني لكل فرد، وبالتالي ضمان تمتعه بالحقوق المكفولة له، من قبيل الحق في الجنسية والهوية والتسجيل في الحالة المدنية”.
كما استندت المحكمة، أيضا، على مقتضيات قانون الحالة المدنية الذي “يكفل الحق في الاسم والهوية، والوثائق الإدارية التي تثبتها”.