ابن جرير..8 أشهر حبسا نافذا لطبيب مع منعه من مزاولة المهنة لمدة سنة بعد إدانته بـ”محاولة إجهاض امرأة حبلى”
دفاع الطبيب: المشتكية دخلت العيادة حبلى وخرجت منها حبلى ولم يجر لها أي إجهاض وتقرير الطب الشرعي يؤكد ذلك
الضحية: تعرضت للاحتجاز بمنزل عائلة زوجي لمدة 18 يوما إلى أن حضرت أمي بمعية الشرطة
بعد 6 جلسات، قضت الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية بابتدائية ابن جرير، أمس الخميس 14 مارس الجاري، بـ8 أشهر حبسا نافذا و غرامة نافذة قدرها 5000 درهم في حق طبيب بالمدينة، مع منعه من مزاولة مهنة الطب لمدة سنة، بعد محاكمته، في حالة سراح، على خلفية اتهامه بـ”محاولة إجراء عملية إجهاض لامرأة حبلى”.
و تعود تفاصيل القضية إلى يناير المنصرم، حينما تقدمت امرأة برفقة والدتها بشكاية للشرطة، تتهم فيها زوجها بالاعتداء الجسدي عليها، و بأنه حاول إجهاضها بواسطة عقاقير.
و أوضحت المشتكية، التي تبلغ من العمر 23 سنة، بأن زواجها، الذي استمر سنة و نصف، أثمر طفلة، غير أن زوجها، و بعد علمه بأنها حبلى، دخل معها في خلافات مستمرة مطالبا إياها بإسقاط الجنين، بضغط من والدته، إذ ناولها أدوية من نوع “أرتوتيك”، و هو ما قالت إنه تسبب لها في نزيف حاد، قبل أن يرافقها إلى طبيب أجرى لها فحصا و أخبرها أن الجنين في الأسبوع السابع و يعاني من توقف النمو.
و لم تمر سوى أيام قليلة حتى توجهت للمستشفى الإقليمي بابن جرير، حيث أكد لها طبيب أخصائي في أمراض النساء و الولادة بأن قلب الجنين لازال ينبض، مضيفة بأن حماتها و أخت زوجها قدّما لها أعشابا منقوعة لإسقاطه.
و تابعت بأن زوجها رافقها و والدته، منتصف زوال أحد أيام أواخر دجنبر الماضي، إلى طبيب آخر بوسط المدينة من أجل إجراء عملية الإجهاض، مضيفة بأنه ناولها دواءً و طالبها بالعودة لعيادته، في حدود الثالثة زوالا.
و صرحت بأنها رجعت فقام الطبيب بإيلاج آلة في مهبلها، لتُصاب بنزيف و يأتي بإناء بلاستيكي (بانيو) لتفادي سيلان الدماء في قاعة الفحص، لافتة إلى أن ذلك تسبب لها في التهاب بالرحم.
كما أشارت إلى تعرّضها للاحتجاز بمنزل عائلة زوجها لمدة 18 يوما إلى أن حضرت أمها بمعية الشرطة، التي استمعت لشكايتها.
و بتعليمات من وكيل الملك، فتحت الشرطة القضائية بحثا تمهيديا استمعت خلاله للزوج، البالغ 33 سنة، و الذي اعترف بأنه اشترى عبر الإنترنت أدوية بـ1500 درهم لاستعمالها في إجهاض زوجته بإيعاز من أمه و شقيقته، اللتين قال إنهما لم تتقبلا أن تنجب مولودين في ظرف سنتين.
كما أقرّ بأنه، و بعدما لم تثمر الأدوية أي نتيجة، رافقها إلى طبيب بمركز المدينة لإجراء عملية إجهاض.
من جهته، صرّح الطبيب (69 سنة) بأنه لم يعد يتذكر المشتكية لكثرة المرضى الوافدين على عيادته، قبل أن تُجري له الضابطة القضائية مواجهة معها و يتعرّف عليها، و لكنه نفى، في المقابل، بأن يكون أجرى لها أي إجهاض.
غير أنه، و بعد تفريغ الأمن لمحتوى كاميرات مراقبة مثبتة بمحل مجاور للعيادة، تبيّن بأن الزوج نقل الضحية إليها على متن دراجة نارية.
و بناءً على تعليمات النيابة العامة، أحيلت المشتكية على مصلحة الطب الشرعي بمستشفى “محمد السادس” بمراكش، حيث أجري لها فحوصات و تحليلات، بتاريخ 23 يناير 2024، و التي أكدت بأن “هناك تعفنا مع ارتفاع الكريات البيضاء”، لتُعطى لها أدوية ضد التقيؤ، قبل أن تُحال على مصلحة الطب النفسي.
و في الوقت الذي انتهى فيه البحث الأمني، عاودت الآلام المشتكية التي نقلتها أمها للمستشفى الجامعي بمراكش، حيث تأكد وفاة الجنين في رحمها.
و بعد إجراء مسطرة التقديم أمام وكيل الملك بابن جرير، تقرر متابعة الزوج، في حالة اعتقال، بجنحتي:”محاولة إجهاض امرأة حبلى بواسطة عقاقير، و الضرب و الجرح في حق الزوجة”، فيما توبع الطبيب بتهمة “محاولة إجهاض امرأة حبلى”، كما توبعت أم الزوج و شقيقته، في حالة سراح، بجنحة “المشاركة في محاولة إجهاض امرأة حبلى”.
و قد تأخرت الجلسة الأولى من المحاكمة الملتئمة، الخميس 8 فبراير الفارط، لإعداد الدفاع، و تأجلت للسبب نفسه الجلسة الثانية، بتاريخ 15 فبراير، قبل أن تصدر الغرفة، برئاسة القاضي ياسين المتحف، حكما تمهيديا في الجلسة الثالثة، الخميس 22 من الشهر ذاته، قضى بإحالة تقرير الخبرة على خبير (طبيب عام) لترجمته إلى اللغة العربية، مع تحديد أتعابه في 400 درهم تؤدى في إطار المصاريف القضائية.
و تأخرت المحاكمة، خلال جلسة 29 فبراير، لإحالة الوثيقة الأولية للتقرير المذكور على الخبير من أجل ترجمته، فيما تم تأجيلها، في الجلسة الخامسة المنعقدة، بتاريخ 7 مارس الحالي، لانتظار التوصل بترجمة تقرير الخبرة، و هي الجلسة التي رفضت خلالها الغرفة السراح المؤقت للزوج.
و قد تقدمت الضحية، خلال جلسة أمس، بتنازل مكتوب عن متابعة حماتها و زوجها و أخته.
من جهته، التمس دفاع الطبيب الحكم ببراءته، معتبرا بأن تقرير الخبرة الطبية يؤكد بأن “عنق الرحم طبيعي و مغلق”، و “ليس هناك نزيف” به، و “ليس هناك تلف أو ضرر”، مشيرا إلى أن الفحص بيّن أن المرأة “حالتها مستقرة و في كامل وعيها، و ليس هناك كدمات أو خدوش في البطن”.
كما بيّن “الفحص بالصدى الصوتي أن هناك حملا من 10 أسابيع، و أن قلب الجنين ينبض”، قبل أن يخلص التقرير إلى أن “الفحص العام و الخاص للرحم لم يبيّن أضرارا لاحقة بالمرأة لا قديمة و لاجديدة. و نظرا للمدة الزمنية التي مرت لا يمكن القول أنه كانت محاولة إجهاض، أو تناول أقراص لنفس الغرض”.
و تابع مرافعا بأن المشتكية حلت مرتين بالعيادة، الأولى بتاريخ 27 دجنبر 2023 و الثانية في 3 يناير 2024، بسبب معاناتها من نزيف مهبلي و فقر الدم، لافتا إلى أن مؤازره/ الطبيب أجرى لها فحصا لعنق الرحم بواسطة منظار.
و قال إن كاميرات المراقبة أظهرت المشتكية تحل بالعيادة، في المرة الثانية، على الساعة الـ3 زوالا و تغادرها في تمام الـ3 و 7 دقائق، متسائلا بصيغة الاستغراب:”كيف يمكن إجراء عملية إجهاض في 7 دقائق؟”.
و بعدما كان المتهمون آخر من تناول الكلمة، حجزت الغرفة الملف للمداولة، قبل أن تعود و تنطق بالحكم، حوالي الخامسة مساءً، إذ قضت ضد الزوج بـ10 أشهر حبسا نافذا و غرامة نافذة قدرها 500 درهم، فيما حكمت على والدته و شقيقته بـ4 أشهر حبسا موقوف التنفيذ و غرامة قدرها 500 درهم.