“البهجة24” تكشف تفاصيل مثيرة حول اختلاس 188 مليون سنتيم من مستشفى ابن جرير (الجزء الأول)
عبد الرحمان البصري
بعد توالي الاتهامات بالإهمال الطبي، فضيحة مالية هزّت، هذه المرة، المستشفى الإقليمي بابن جرير، وتتعلق باختلاس أكثر من 188 مليون سنتيم من وكالة المداخيل. القضية حُكم فيها على متهم وحيد، وهو ممرض كان مكلفا بجباية المداخيل (نائب شسيع المداخيل)، بـ 3 سنوات سجنا، بينها سنتان سجنا نافذا، بعدما أدين بجنايتي “اختلاس وتبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته”.
“البهجة24” تعيد تركيب قصة هذه القضية في 5 أجزاء مستندة إلى المعطيات المثيرة التي كشفت عنها الأبحاث الأمنية المنجزة من طرف الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش، والتحقيق الإعدادي الذي أجراه قاضي التحقيق بالغرفة المكلفة بجرائم الأموال، وأطوار المحاكمة أمام غرفتي الجنايات باستئنافية المدينة نفسها.
افتحاص يكشف الاختلاس
على إثر التأخر في تحويل مداخيل المركز الاستشفائي الإقليمي بالرحامنة، انتقلت إليه لجنة تفتيش تابعة للخزينة الإقليمية بقلعة السراغنة، بتاريخ فاتح أكتوبر 2020، من أجل القيام بعملية افتحاص لشساعة المداخيل.
أول ملاحظة سجلتها اللجنة هي أن المكلف بتدبير المصلحة لم يكن حاضرا في مكتبه، حيث كان في إجازة مرضية، أما الشسيع الرسمي فقد تبيّن لها بأنه لم يعد يمارس مهامه منذ أبريل 2016 لظروف صحية قاهرة.
حصرت اللجنة الأصول والقيم الموجودة بالمصلحة، و تتعلق بأوراق نقدية تصل قيمتها إلى 11860 درهما، و بلغت المداخيل المسجلة في الوصولات 1803263 درهما (أكثر من 180 مليون سنتيم)، عن الفترة الممتدة من فاتح يناير 2019 إلى 30 شتنبر 2020، فيما وصلت المبالغ المودعة بالخزينة الإقليمية إلى 541930 درهما (أكثر من 54 مليون سنتيم).
وبعد مقارنة المبالغ المدفوعة للخزينة والأوراق النقدية مع المداخيل المقيدة دفتر الوصولات، تأكد بأن هناك فارق سلبي بمبلغ 1249473 درهما (أكثر من 124 مليون سنتيم).
كما تبيّن للجنة بأن جميع دفاتر الوصولات المستنفدة لم يكن نائب الشسيع يرسلها للمصالح المختصة من أجل المراقبة والتدقيق، ناهيك عن أن دفاتر الوصولات المتعلقة بمداخيل سنة 2017 والتي تم استنفادها لم يتم العثور عليها في الأرشيف مما تعذّر معه مراقبتها.
على إثر التقرير الذي أعدته اللجنة، تقدّم الوكيل القضائي للمملكة، نيابة عن وزير الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة، والخازن العام للمملكة، بتاريخ 8 يناير 2021، بشكاية إلى الوكيل العام للملك لدى استئنافية مراكش، تم تسجليها تحت عدد 11/21، أربعة أيام بعد ذلك، في مواجهة “ع.ك”، نائب الشسيع، وهو ممرض من مواليد 1963،أب لأربعة أبناء، وهي الشكاية التي أحيلت على الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش من أجل إجراء بحث تمهيدي بشأنها، استهلته، بتاريخ 15 فبراير من السنة نفسها، بالاستماع إلى إفادة كل من الخازن الإقليمي وموظف بالخزينة.
شسيع بدون قرار تعيين
صرّح المشتكى به تمهيديا بأنه لم يكن متواجدا خلال زيارة لجنة التفتيش لمصلحة شساعة بسبب إجرائه لعملية جراحية، وتابع بأنه تم تكليفه من طرف مندوبية الصحة بتدبير المداخيل، في دجنبر 2016، دون أن يتوصل بأي قرار بخصوص هذا التعيين، الذي قال إنه كان مفترضا بأن يتوصل به مقابل إشهاد بالتسلم، مضيفا بأنه لم يتلق أي تكوين في تدبير المصلحة المذكورة.
وعن طبيعة وظيفته، أوضح للمحققين بأنه مهامه تتمثل في استخلاص مصاريف الخدمات الاستشفائية، والمتعلقة بمصاريف الفحوصات العادية والمتخصصة، ومصاريف إجراء الفحوصات الطبية والمخبرية، ومصاريف الترويض الطبي، ومصاريف الفحص بالأشعة.
وأوضح بأنه بعد ولوج المريض للمستشفى يتوجّه إلى مصلحة الاستقبال التي تنجز فاتورة خاصة بالخدمة الاستشفائية التي يرغب في الاستفادة منها وتسلمها إليه ليلتحق بمصلحة وكالة المداخيل من أجل أداء تكلفة الخدمة بناءً على تسعيرة محددة مسبقا من طرف الإدارة المركزية لوزارة الصحة، مضيفا بأنه يسلّم كل مرتفق وصل أداء بعد أداء قيمتها، ويحتفظ بالنظير بدفتر الوصولات.
وتابع بأنه يزاول، منذ أواخر دجنبر 2016، مهام شسيع المداخيل تحت مسؤولية ومراقبة المقتصدة السابقة، موضحا بأن هي التي كانت تقوم بإعداد لائحة الدفع بناءً على جدول يُنجز على الحاسوب يسجل فيه العمليات المحاسباتية اليومية، ويتضمن أرقام الوصولات و الأسماء الكاملة للمرضى والمبالغ المؤداة، وهو الجدول الذي قال إن المقتصدة كانت تعتمد عليه في إعداد اللائحة التي تسلمها له لإيداع المبالغ المضمّنة فيها بالخزينة الإقليمية.