“البهجة24” تكشف معطيات حصرية حول اعتقال مدير الموارد بجهة مراكش بتهمة “الارتشاء وتعاطي الكوكايين”
عبد الرحمان البصري
من مداهمة أمنية لعملية تسليم و تسلم للكوكايين قرب الباب الخلفي لمقر جهة مراكش ـ آسفي، إلى بحث قضائي بشأن “إرشاء و ارتشاء و استغلال للنفوذ”، ثم إحالة على محاكمة تلتئم جلستها الثانية، الاثنين 25 شتنبر الجاري. بطلا القضية: حسن الرقيق، الموظف الذي يوصف بأنه “الرجل القوي” بأكبر جماعة ترابية في الجهة، و المقاول مصطفى عمار، المنتمي لعائلة سياسية معروفة بجماعة البروج بإقليم سطات.
كيف نشأت العلاقة بينهما؟ و كيف سقطا في قعر ملف ثقيل يختلط فيه الاعتراف الصريح بتعاطي الكوكايين، والاشتباه في اقتراف جرائم فساد مالي. “البهجة24” تكشف معطيات حصرية عن القضية.
الموظف المترف
“ختاما وجب التأكيد على أن تصريحات الماثل أمامكم التي وردت في معرض سرده لممتلكاته ومنقولاته و تلك الخاصة بأسرته الصغيرة، و بالمنزل الثاني الذي يفتحه لفائدة “ش.ب”، و كذا المعاينات التي تمت أثناء التفتيش، و سفرياته إلى وجهات من قبيل دول أوربا و أمريكا اللاتينية، أكدت بأن المعني بالأمر يعيش في رفاهية كبيرة وفي بذخ لا يتناسبان مع وضعه كموظف عمومي وأجره الشهري” يقول استنتاج الضابطة القضائية في تقريرها المقدّم للنيابة العامة.
و تضيف فرقة محاربة المخدرات:”مما يطرح التساؤل حول مصدر تمويله لهذا النمط من العيش المترف، خاصة و أنه أكد بأنه غير مدين لأحد، كما أن الأقساط التي موّل بها اقتناء مجموعة من العقارات كانت تُؤدى في مدد وجيزة، دون أن يكون مستفيدا من أي تمويل بنكي”.
من متصرف لمدير للموارد
بملامحه الهادئة، استطاع حسن الرقيق (53 سنة) أن يحقق مسارا مهنيا متميزا. بدأه، سنة 1988، بتوظيف مباشر في وزارة الداخلية بدرجة السلم 11. وتم إلحاقه، في 2011، بجهة مراكش ـ تانسيفت ـ الحوز، مكلفا بالوثائق المالية، قبل أن يعيّن في 2019 مديرا للموارد المالية و الشؤون الإدارية، التي تغيرت تسميتها، السنة الماضية، لمديرية الموارد.
و قد تقدّم بطلب الإدماج، لتتم الموافقة عليه، خلال السنة الجارية، بقرار مشترك بين رئيس مجلس الجهة و وزارة الداخلية.
الصعود المهني واكبته زيادات في أجره الشهري، الذي يصل حاليا إلى 27500 درهم، فضلا عن تعويضات بين 2000 و2500 درهم شهريا.
شقق وضيعة فلاحية
و رغم ارتفاع أجره فإنه لا يتناسب و بحبوحة العيش التي يرفل فيها، فهو يمتلك شقتين بإقامة فاخرة بشارع محمد السادس، كما يملك ضيعة فلاحية بمنطقة السويهلة.
و يصرف مبالغ مالية كبيرة على اقتناء المخدرات، فقد صرّح، تمهيديا، بأن مشاكل عائلية تسببت له في ضغط نفسي دفعه للإفراط في تعاطي المشروبات الكحولية، ثم أصبح مدمنا على غاز الهيليوم ،الذي قال إنه كان يقتنيه و معداته من شخص سويدي الجنسية، يُدعى فيليب، وهو ما صرّح بأنه أثّر سلبيا على وضعه الصحي و النفسي، قبل أن يسافر لأداء العمرة و يقلع عن تعاطي المخدرات.
اللقاء مع المقاول
“معرفتي بالمقاول لم تكن في البداية تتعدى مشاهدته أحيانا بالجهة، بحكم أنه كان يفوز ببعض الصفقات التي تبرمها، قبل أن تتوطد علاقتنا، ابتداءً من 2019” صرّح المدير للشرطة، و أضاف بأنهما كانا يلتقيان في الأماكن العمومية أو في شقته أو ضيعته لاحتساء المشروبات الكحولية، قبل أن يكتشف بأنه يتعاطى بدوره للكوكايين، و تتحول سهرتاهما إلى استهلاك مشترك للمخدرات الصلبة.
و اعترف بأنه كان يتدخل للمقاول لدى الخزينة الجهوية للحصول على مستحقاته المالية عن المشاريع التي تنجزها مقاولته لفائدة الجهة.
حفار الآبار
كان مصطفى عمار (44 سنة) هو دينامو المقاولة العائلية المختصة في حفر الآبار. كما شغل عضوية جماعة البروج إلى جانب أحد أشقائه. و بحكم تردده على مقر جهة مراكش ـ آسفي تعرّف، في 2018، على مدير مواردها، الذي صرّح بأنه يزوده بالكوكايين مجانا مقابل تدخله للحصول على مستحقاته المالية.
المقاول الشاب، الذي اعترف بأنه أصبح يستهلك الكوكايين خلال الفترة التي قضاها باسبانيا، أكد بأن المخدر المضبوط لحظة توقيفهما كان يبلغ 9 غرامات، و قد اقتناه بـ400 درهم للغرام الواحد من شخص يدعى “العبدلاوي”، بدوار “الخلفية”، ضواحي الفقيه بنصالح، مشيرا إلى أنه زوّد المدير ثلاث مرات بالكوكايين، و أن الكمية كانت تتراوح في كل مرة بين 9 و 10 غرامات.
4 صفقات من الجهة
“حصلت شركتي على أربع صفقات من مجلس الجهة، بينها صفقتان في 2019 تتعلقان بتهيئة نقط الماء بإقليمي الرحامنة و السراغنة، و صفقة في 2022 همت حفر آبار استكشافية بالرحامنة، بالإضافة إلى صفقة حفر آبار استكشافية بعمالة مراكش، وهي الصفقة التي لازالت تنتظر ترخيص مجلس الجهة” صرّح المقاول للمحققين.
و تابع بأنه سلّم للمدير مليون سنتيم داخل مكتبه بعدما تدخل له لإيجاد حلول لصفقته بالرحامنة، التي قال إنه واجهته خلالها ضغوط من رؤساء جماعات بالإقليم، ناهيك عن تزامنها مع تفشي وباء كورونا.
و عن مبلغ 122300 درهم (أكثر من 12 مليون سنتيم) الذي حجزته الشرطة لديه، أجاب بأنه متحصل من عمله و ليس من عائدات ترويج الكوكايين أو أي نشاط آخر مشبوه.
إفادة سائق رئيس الجهة
خلال التفتيش الأولي لسيارة المقاول، ضبطت الشرطة وصل تحويل مبلغ مليوني سنتيم مرسل إليه من طرف شخص يسمى “ح.آ”، الذي استدعاه المحققون، ليتبيّن بأنه ليس سوى السائق الشخصي لرئيس الجهة، و الذي أفاد بأنه سبق له أن عمل سائقا لمدير الموارد، الذي قال إنه ظل يكلفه باقتناء المواد الغذائية لمنزله و نقل ابنيه للمدرسة مقابل مبالغ مالية كان ينفحه بها بين الحين و الآخر.
و لكن المدير كان يكلف سائق الرئيس بمهام أخرى، إذ صرّح للشرطة بأنه كلفه، خلال السنة الحالية، بإرسال مبالغ مالية متفاوتة عبر وكالات تحويل الأموال لأشخاص يجهلهم، تتراوح قيمتها بين ألف و 20 ألف درهم، و في مرات أخرى بين 40 ألف و50 ألف درهم (5 ملايين سنتيم)، مضيفا بأنه لم يعد يتذكر عدد العمليات، لافتا إلى أن آخر عملية قام بها كانت، منذ حوالي شهر، و همت مبلغ مليون سنتيم.