الجنرال نغيما حاكم الغابون الجديد..متزوج بمغربية ويتحدث الدارجة ونتاج خالص لأكاديمية مكناس
الرجل القوي الجديد في الغابون يعرف المغرب جيدا، فقد سبق له أن شغل منصب الملحق العسكري في سفارة بلاده بالرباط. و هو نتاج خالص للأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس. الجنرال نغيما الذي أطاح بصديق المغرب الكبير، علي بونغو، تجمعه علاقات شخصية قوية مع المسؤولين المغاربة.
الأمر لا يقتصر فقط على التكوين العسكري والعلاقات الدبلوماسية والسياسية، هناك أيضا جوانب إنسانية في علاقة نغيما بالرباط، فهو متزوج من مغربية، و يتحدث الدارجة بطلاقة، وعاشق للمطبخ المغربي.
“البهجة24” ترجمت مقالا نُشر، أمس الجمعة فاتح شتنبر الجاري، في “جون أفريك” Jeune Afrique، بعنوان “سنوات الجنرال نغيما في المغرب” لفدوى إصلاح، رئيسة تحرير في الصحيفة الفرنسية.
نتاج خالص لأكاديمية مكناس
في سن الثامنة والأربعين، يعرف بريس أوليغي نغيما، الذي تم تعيينه رئيسا للغابون من طرف لجنة الانتقال و استعادة المؤسسات، بعد الانقلاب الذي أطاح بعلي بونغو، (يعرف) المغرب جيدا. فقد قضى هذا الجنرال، الذي كان قائدا للحرس الجمهوري، سنوات عديدة في المملكة.
فقد تم تعيينه ملحقا عسكريا بالرباط، في سنة 2009، بعد وفاة والد بونغو، الذي كان أحد أقرب مساعديه. كما يعد الرجل القوي الجديد في الغابون نتاجا خالصا للأكاديمية الملكية العسكرية في مكناس.
عندما كان عمره 23 عاما دخل نغيما، في سنة 1998 ، إلى هذه المؤسسة العسكرية المتميزة، التي تكوّن فيها معظم كبار ضباط الجيش المغربي، و العديد من الشخصيات الإفريقية، مثل محمد ولد الغزواني من موريتانيا، وقبله محمد ولد عبد العزيز، وأزالي أسوماني من جزر القمر، وكذلك الجنرال النيجيري عبد الرحمن تياني، الذي أطاح بالرئيس محمد بازوم، في 26 يوليوز الماضي.
لمدة أربع سنوات، تلقى الرجل القوي المستقبلي للغابون تداريبه في الأكاديمية الملكية العسكرية، بجانب مواطنه، الجنرال غابين أويوغو ليهوندا، أحد منفذي الانقلاب، إذ تخرّج كل منهما برتبة “ملازم ثاني”، و حصلا على شهادة دراسات جامعية وعسكرية، و فوق ذلك كله استطاعا خلق شبكة واسعة من الصداقات والعلاقات المهنية.
“قيم الولاء والإخلاص”
“يتّبع الطلاب الأجانب المنهج نفسه كما الطلاب المغاربة، حيث يتضمن تعليما عاما، في مجالات القانون والعلوم والتقنيات واللغات، وتدريبا عسكريا أيضا”، وفقا لأحد خريجي الأكاديمية، الذي يؤكد بأنه “خلال هذا التدريب يُعطى أيضا اهتمام لتلقين الطلاب قيم الولاء والإخلاص للمؤسسات و للوطن، فضلا عن مبدأ الفصل بين الجانبين العسكري و السياسي”.
في الأكاديمية الملكية العسكرية، ترك نغيما انطباعا جيدا عنه كطالب مجتهد. “لقد كان هادئا ومهذبا ومتوازنا. كان مجتهدا في دراسته، لكن دون أي رغبة خاصة في التألق أو أن يكون الأول”، وفقا لشخص من الذين تعاملوا معه خلال تلك الفترة.
و يواصل: “كان مرحا ومبتهجا، ولم يتردد، مثل زملائه الآخرين، في استغلال عطلة نهاية الأسبوع والإجازات للمرح والاحتفال وتخفيف الضغط الذي كانت تفرضه الحياة اليومية في الأكاديمية، حيث يكون المدرّسون متطلبين للغاية، و يسود انضباط صارم”.
متزوج من مغربية
الروابط التي تربط نغيما بالمغرب لا تتوقف عند العلاقات التي أقامها أثناء دراسته، أو خلال عمله كملحق عسكري، بل تمتد إلى المجال العائلي، حيث إنه متزوج من مغربية، مما يعني بأنه اعتنق الإسلام كما يفرضه التشريع المغربي.
ارتباطاته قوية مع المملكة، حيث يتحدث الدارجة ويقدّر ثقافتها ومأكولاتها كثيرا، تماما مثل جميع أفراد عائلة بونغو، الذين لم يترددوا في الاستعانة بمتعهد الحفلات المغربي الشهير، كريم رحال، لتنظيم حفلات استقبالاتهم في “ليبرفيل”، كما استعانوا بحرفيين مشهورين في تصنيع “الجابادور” و القفاطين والجلابيب وغيرها، و في تزيين صالونات مقرات إقامتهم في الغابون بالزليج و”التدلاكت”.
يتوقع المغاربة أنه، و بعد هدوء “العاصفة”، سيسمح نغيما لعلي بونغو بأن يقضي “فترة تقاعده” في المغرب، لأنه يتردد بانتظام على المستشفى العسكري بالرباط، حيث يتابع الأطباء المغاربة حالته بعدما تدهورت صحته بشكل كبير، جرّاء سكتة دماغية أصابته في سنة 2018.
مكناس.. أكاديمية مفتوحة على إفريقيا
منذ اندلاع موجة الانقلابات في إفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بدأ بعض المراقبين يكتشفون بأن العديد من كبار ضباط جيوش غرب إفريقيا و دول الساحل تلقوا تدريبهم في مكناس. ولكن ذلك لم يكن مفاجئا على الإطلاق بالنسبة للمصادر المغربية التي تحدثت إليها صحيفة “جون أفريك”.
“قد يفاجئ ذلك المدنيين، ولكن في الأوساط العسكرية في القارة، هذا ليس مفاجئا على الإطلاق. يعود ذلك إلى أيام الحسن الثاني، عندما أراد الملك بأن تكون هذه المؤسسة النخبوية للقوات المسلحة الملكية المغربية مفتوحة على القارة” يقول أحد خريجي أكاديمية مكناس.
و تابع: “في إطار التعاون المغربي الإفريقي، شهدت الأكاديمية الملكية العسكرية مرور طلاب من السنغال ومالي وموريتانيا والنيجر وجزر القمر…العديد منهم، اليوم، من كبار الضباط في بلدانهم، وقد حققوا مسارا عسكريا أو دبلوماسيا ناجحا. ولم يكونوا دائما معروفين لعامة الناس. ولكن الأحداث السياسية الأخيرة في بعض البلدان مثل بوركينا فاسو ومالي أو الغابون سلطت الأضواء على بعضهم”.
مكناس، المدينة الإمبراطورية، كانت عاصمة للمملكة الشريفة تحت حكم السلطان مولاي إسماعيل، الذي حكم من 1672 إلى 1727. عاصر هذا الجد العظيم للملك محمد السادس، لويس الرابع عشر، و كان معروفا في تاريخ المغرب بأنه يعد واحدا من أوائل السلاطين الذين بنوا جيشا نظاميا يضم فيلق النخبة المكون حصريا من جنود من جنوب الصحراء الكبرى، وهو جيش البخاري الشهير.