الملك محمد السادس يدعو لتأهيل المجال الساحلي بما فيه الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية

الملك محمد السادس يدعو لتأهيل المجال الساحلي بما فيه الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية

  دعا لاعتماد إستراتيجية خاصة بالسياحة الأطلسية بالصحراء المغربية

أكد الملك محمد السادس بأنه إذا كانت الواجهة المتوسطية، تعد صلة وصل بين المغرب و أوروبا، فإن الواجهة الأطلسية هي بوابته نحو إفريقيا، و نافذة انفتاحه على الفضاء الأمريكي.

و تابع، خلال خطاب ألقاه مساء اليوم الاثنين 6 نونبر الجاري بمناسبة الذكرى الـ48 للمسيرة الخضراء، “و من هنا يأتي حرصنا على تأهيل المجال الساحلي وطنيا، بما فيه الواجهة الأطلسية للصحراء المغربية، و كذا هيكلة هذا الفضاء الجيو – سياسي على المستوى الإفريقي”.

“غايتنا أن نحول الواجهة الأطلسية، إلى فضاء للتواصل الإنساني، والتكامل الاقتصادي، والإشعاع القاري والدولي.

لذا، نحرص على استكمال المشاريع الكبرى، التي تشهدها أقاليمنا الجنوبية، و توفير الخدمات و البنيات التحتية، المرتبطة بالتنمية البشرية و الاقتصادية، و كذا تسهيل الربط  بين مختلف مكونات الساحل الأطلسي، و توفير وسائل النقل و محطات اللوجستيك؛ بما في ذلك التفكير في تكوين أسطول بحري تجاري وطني، قوي و تنافسي”.

و دعا الملك محمد السادس لمواصلة العمل على إقامة اقتصاد بحري، يساهم في تنمية المنطقة، و يكون في خدمة ساكنتها، من أجل مواكبة التقدم الاقتصادي و التوسع الحضري، الذي تعرفه مدن الصحراء المغربية”.

و أوضح بأنه ينبغي أن يكون اقتصادا متكاملا “قوامه تطوير التنقيب عن الموارد الطبيعية في عرض البحر؛ و مواصلة الاستثمار في مجالات الصيد البحري؛ و تحلية مياه البحر، لتشجيع الأنشطة الفلاحية، و النهوض بالاقتصاد الأزرق، و دعم الطاقات المتجددة”.

كما دعا لاعتماد إستراتيجية خاصة بالسياحة الأطلسية، تقوم على استثمار المؤهلات الكثيرة للمنطقة؛ قصد تحويلها إلى وجهة حقيقية للسياحة الشاطئية و الصحراوية.

و أضاف بأن المغرب، کبلد مستقر و ذي مصداقية، يعرف جيدا الرهانات و التحديات، التي تواجه الدول الإفريقية عموما، و الأطلسية على وجه الخصوص، موضحا بأن الواجهة الأطلسية الإفريقية، تعاني من خصاص ملموس في البنيات التحتية و الاستثمارات، رغم مستوى مؤهلاتها البشرية، و وفرة مواردها الطبيعية.

و أكد بأن المغرب يعمل مع أشقائه في إفريقيا، و مع كل شركائه، على إيجاد إجابات عملية و ناجعة لها، في إطار التعاون الدولي، و في هذا الإطار، یندرج المشروع الاستراتيجي لأنبوب الغاز المغرب – نيجيريا.

“وهو مشروع للاندماج الجهوي، و الإقلاع الاقتصادي المشترك، و تشجيع دينامية التنمية على الشريط الأطلسي، إضافة إلى أنه سيشكل مصدرا مضمونا لتزويد الدول الأوروبية بالطاقة”.

“وهو نفس التوجه الذي دفع بالمغرب، لإطلاق مبادرة إحداث إطار مؤسسي، يجمع الدول الإفريقية الأطلسية الثلاثة و العشرين، بغية توطيد الأمن والاستقرار و الازدهار المشترك” يوضح الملك محمد السادس.

و اعتبر بأن المشاكل و الصعوبات التي تواجه دول منطقة الساحل الشقيقة، لن يتم حلها بالأبعاد الأمنية و العسكرية فقط؛ بل باعتماد مقاربة تقوم على التعاون و التنمية المشتركة، مقترحا إطلاق مبادرة دولية تهدف إلى تمكين دول الساحل من الولوج إلى المحيط الأطلسي.

و أكد بأن نجاح هذه المبادرة يبقى رهينا بتأهيل البنيات التحتية لدول الساحل، و العمل على ربطها بشبكات النقل و التواصل بمحيطها الإقليمي، معلنا بأن المغرب مستعد لوضع بنياته التحتية، الطرقية و المينائية و السكك الحديدية، رهن إشارة هذه الدول الشقيقة؛ إيمانا منا بأن هذه المبادرة ستشكل تحولا جوهريا في اقتصادها، وفي المنطقة كلها.

و أكد بأن المسيرة الخضراء مكنت من استكمال الوحدة الترابية للبلاد، و مكن استرجاع أقاليمنا الجنوبية من تعزيز البعد الأطلسي للمملكة، كما مكنت تعبئة الدبلوماسية الوطنية، من تقوية موقف المغرب، و تزايد الدعم الدولي لوحدته الترابية، و التصدي لمناورات الخصوم، المكشوفين و الخفيين.

و أشار الملك محمد السادس إلى الجدية، و القيم الروحية و الوطنية و الاجتماعية، التي تميز الأمة المغربية، في عالم كثير التقلبات، موضحا بأنه عندما تحدث عن الجدية، فذلك ليس عتابا؛ و “إنما هو تشجيع على مواصلة العمل، لاستكمال المشاريع و الإصلاحات، ورفع التحديات التي تواجه البلاد. و هو ما فهمه الجميع، ولقي تجاوبا واسعا، من مختلف الفعاليات الوطنية”.

“وهي منظومة متكاملة من القيم، مكنت من توطيد المكاسب التي حققناها، في مختلف المجالات، لاسيما في النهوض بتنمية أقاليمنا الجنوبية، و ترسيخ مغربيتها، على الصعيد الدولي.

وقد اعترفت، والحمد لله، العديد من الدول بمغربية الصحراء، وعبّرت دول أخرى كثيرة وفاعلة، بأن مبادرة الحكم الذاتي، هي الحل الوحيد، لتسوية هذا النزاع الإقليمي المفتعل.

كما ساهمت قيم التضامن والتعاون والانفتاح، التي تميز المغرب، من تعزيز دوره ومكانته، كفاعل رئيسي، و شريك اقتصادي و سياسي موثوق و ذي مصداقية، على المستوى الإقليمي و الدولي، و خاصة مع الدول العربية و الإفريقية الشقيقة” يشرح الملك محمد السادس.

و أشاد بالجهود التي تبذلها القوات المسلحة الملكية، و القوات الأمنية، و الإدارة الترابية، وكل القوى الحية، داخل الوطن و خارجه، في الدفاع عن الحقوق المشروعة للوطن.

“ولا يفوتنا أن نستحضر، بكل تقدير و إجلال، روح مبدع المسيرة الخضراء، و الدنا المنعم جلالة الملك الحسن الثاني، أكرم الله مثواه، و الأرواح الطاهرة لكل شهداء الوطن الأبرار” يختم الملك محمد السادس خطابه.