بولتكنيك محمد السادس تشارك في ندوة بجامعة هارفرد حول دور الجالية في تعزيز الأسواق وتوسيع المشاريع

خلال مشاركته في مؤتمر إفريقيا للأعمال الذي نظمته كلية هارفارد للأعمال بالولايات المتحدة الأمريكية، سلّط خالد بادو، مدير الشؤون المؤسساتية في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير، الضوء على الدور المحوري للجالية الإفريقية في ربط الأسواق وتوسيع نطاق المشاريع الريادية عبر القارة.
كما ركز على الرؤية الملكية المستنيرة لتعبئة الكفاءات المغربية بالخارج.
إفريقيا..قارة الفرص والتحديات
تشهد إفريقيا تحولات عميقة في قطاعات رئيسية مثل الزراعة، والتكنولوجيا الرقمية، والطاقة المتجددة، والتعليم، مما يفتح المجال لنمو اقتصادي هائل. ومع ذلك، فإن عدد الشركات الناشئة التي وصلت إلى تصنيف “يونيكورن” في إفريقيا لا يتجاوز تسع شركات، مقارنة بـ1020 في الولايات المتحدة، و380 في الصين، و118 في الهند. هذا التباين الحاد يكشف التحديات التي تواجه رواد الأعمال الأفارقة، والحاجة إلى حلول استراتيجية لتعزيز الابتكار والاستثمار.
وأشار بادو إلى دعوة الملك محمد السادس الأخيرة إلى وضع مسارات واضحة تمكن الكفاءات المغربية في الخارج من الإسهام في تنمية البلاد، وهي دعوة تعكس تحديا قاريا أوسع: كيف يمكن إدماج الجالية الإفريقية في التحولات الاقتصادية والاجتماعية للقارة؟
الإمكانات غير المستغلة للجالية الإفريقية
تحوّل الجالية الإفريقية ما يقارب 100 مليار دولار سنويا إلى القارة، لكن جزءً كبيرا من هذه الأموال يضيع في رسوم التحويل المرتفعة أو يُوجه نحو الاستهلاك بدلا من الاستثمار في مشاريع إنتاجية.
ولمواجهة هذا التحدي، بدأت الابتكارات المالية مثل البنوك الرقمية والمنصات المالية الموجهة للجالية في تقليل تكاليف التحويل وتحفيز الاستثمارات المنظمة ذات التأثير المستدام. وفي هذا السياق، أشار بادو إلى مبادرة بنك المغرب الأخيرة التي تهدف إلى تحفيز الابتكار في هذا المجال من خلال إنشاء وتمويل “فينتيك هب” يجمع بين المؤسسات المالية ومراكز الابتكار في المغرب.
كما تستكشف الحكومات الإفريقية آليات جديدة، مثل السندات الموجهة للجالية، لتوفير وسائل استثمارية تساهم في النمو الاقتصادي طويل الأجل.
ما هو دور الكفاءات الإفريقية بالخارج؟
إلى جانب تحويل الأموال، تمتلك الجالية الإفريقية كنزا من المعرفة والخبرات. فعملية نقل المهارات والتوجيه أمر بالغ الأهمية، حيث يمكن لرواد الأعمال المحليين الاستفادة من شبكات وخبرات الجالية المنتشرة في أنحاء العالم. لذا، يجب على المؤسسات إنشاء آليات لتسهيل تبادل المعرفة، ودعم برامج الاحتضان، وتعزيز بيئات الابتكار.
نحو نماذج أعمال متكيفة مع الواقع الإفريقي
أحد الأخطاء الشائعة بين المستثمرين الدوليين هو الاعتقاد بأن النماذج التجارية الغربية يمكن استنساخها وتطبيقها مباشرة في إفريقيا. غير أن النجاح في الأسواق الإفريقية يتطلب التكيف الثقافي، وبناء شراكات محلية، والانخراط في المجتمعات.
المشاريع الناجحة في إفريقيا هي التي تصغي إلى احتياجات السكان، وتشاركهم في ابتكار الحلول، وتتعامل بمرونة مع تحديات القارة التنظيمية والبنيوية.
كما أن النمو في إفريقيا لا يتعلق بالتوسع السريع، وإنما بالتطور المستدام، حيث تلعب الدراسات السوقية الدقيقة، والاستراتيجيات المصممة خصيصًا، والتعاون مع الحكومات والموزعين المحليين دورًا أساسيًا في ضمان النجاح على المدى الطويل.
رؤية الملك محمد السادس.. طار وطني لتعبئة الكفاءات المغربية بالخارج
ذكر خالد بادو في مداخلته أن الاستراتيجية الوطنية لتعبئة الكفاءات المغربية بالخارج تم التأكيد عليها في خطاب جلالة الملك محمد السادس في 6 نوفمبر 2024، حيث شدد على ضرورة إيجاد مسارات منظمة تمكن المغاربة المقيمين بالخارج من المساهمة في تنمية بلدهم.
ولتفعيل هذه الرؤية، يجب على الحكومات والمؤسسات مواءمة استراتيجياتها من خلال:
- إنشاء هياكل مالية شفافة تسهل الاستثمار.
- تطوير منصات استثمارية آمنة تشجع رجال الأعمال المغاربة بالخارج.
- تنفيذ إصلاحات قانونية لتسهيل إنشاء وتطوير المشاريع.
- تعزيز الشراكات بين القطاعين العام والخاص، كما هو الحال في جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية (UM6P)، التي تقود العديد من المبادرات في هذا المجال.
دور الجامعات في دعم الابتكار
أصبحت الجامعات تلعب دورا محوريا في التنمية الاقتصادية عبر:
- توفير بنية تحتية للبحث والتطوير تدعم الشركات الناشئة.
- تقديم برامج احتضان للمشاريع المبتكرة.
- تسهيل الوصول إلى شبكات من المستثمرين والموجهين.
وفي هذا السياق، تعد مبادرة UM6P Associates نموذجا بارزا حيث تستقطب الكفاءات المغربية والإفريقية بالخارج للانخراط في برامج البحث والتدريس. كما أن برنامج Bridge Africa يعزز التعاون بين رواد الأعمال الشباب عبر القارة، مما يمكنهم من العمل معًا على مشاريع ذات تأثير واسع.
نحو ريادة أعمال مستدامة في إفريقيا
لا شك أن مستقبل إفريقيا مليء بالفرص، لكن تحقيق النجاح يتطلب شراكات طويلة الأمد، وتكيفًا مع الواقع المحلي، ونهجا تعاونيا في الابتكار. فالجالية الإفريقية ليست فقط مصدرًا لرأس المال، وإنما رافدًا أساسيًا لنقل المعرفة والتوجيه الاستراتيجي والاستثمار الذكي.
ولم تكن المناقشات التي جرت في كلية هارفارد للأعمال مجرد استعراض للتحديات، بل دعوة إلى العمل، من خلال:
- تهيئة بيئة تنظيمية مشجعة لريادة الأعمال،
- تحفيز حلول الاستثمار الرقمي عبر الفينتيك،
- الاستفادة من رأس المال البشري للجالية،