بين السرد والتاريخ: “النيرية” و”إسبيرانزا”..موضوع مائدة مستديرة بابن جرير

بين السرد والتاريخ: “النيرية” و”إسبيرانزا”..موضوع مائدة مستديرة بابن جرير

احتضنت قاعة العروض بدار الشباب “القدس” بابن جرير، مساء أمس السبت 25 أكتوبر الجاري، مائدة مستديرة ثقافية نظمتها جمعية “سماء الخير للأعمال الاجتماعية والثقافية” بدعم من جماعة ابن جرير، جمعت نخبة من الأساتذة والباحثين والمهتمين بالشأن الأدبي حول روايتي “النيرية” و”إسبيرانزا” للكاتب والروائي الأستاذ محمد بوخار، تحت شعار: “في حضرة الكتابة والذاكرة”.

وشكّل الحدث لقاءً ثقافيا أتاح للحضور أمسية غنية بالحوار والأسئلة حول الكتابة الروائية وصلتها بالتاريخ والهوية.

وافتُتِح اللقاء بكلمة ترحيبية ألقاها مسير الجلسة، الأستاذ محمد حميدشات، مسلطًا الضوء على أهمية تقدير الإنتاج الأدبي المحلي وتشجيع الحوار النقدي حوله. تلت ذلك تلاوة آيات من الذكر الحكيم، وعزف النشيد الوطني المغربي، قبل أن تُقدّم كلمات جمعية سماء الخير والجماعة الداعمة، لتأكيد قيم الشراكة الثقافية ودعم المشهد الإبداعي بالمدينة.

قد استهل الروائي محمد بوخار مداخلته مستعرضا ملامح تجربته الكتابية، ومطلقا سؤالا ظل يشغل مساحة التأويل طوال الأمسية: هل الكتابة ثابتة أم متغيرة؟، وهو السؤال الذي يبرز علاقة النص الروائي بواقعه المرجعي وقدرته على إعادة تشكيل الذاكرة الجماعية.

وعرفت الجلسة حضورا نقديا بارزا، حيث قدّم المشاركون مداخلات نوعية تناولت جوانب متعددة من العملين الروائيين. فقد حلّل الأستاذ محمد الحمزازي البنية السردية في “النيرية” و”إسبيرانزا”، مستعرضا تحوّلات الحكي وتقنيات صناعة المتخيّل الروائي.

وقدّم الدكتور عمر الإيبوركي مقاربة تربط الرواية بالتاريخ من خلال مداخلته بعنوان: “الرواية وعاء للتاريخ: النيرية نموذجًا”, مبرزا قدرة السرد على احتضان الوقائع وصياغتها ضمن بناء إبداعي متجدد.

من جهته، ناقش الدكتور أحمد كوال العلاقة بين الأدب والتاريخ المحلي وتساؤلات الذاكرة الفردية والجماعية.

في حين ركّز الأستاذ عبد الغفار موفق على تقنيات السرد والكتابة وسؤال الهوية، معتبرا الرواية مسرحًا للتوترات الرمزية التي تتقاطع فيه البُعد الاجتماعي بالنفسي.

كما تناول الباحث عبد الخالق مساعد حضور المادة التاريخية في الروايتين، متوقفا عند حدود التخييل وتوظيف المرجعية.

وناقشت مداخلة الدكتور قاسم الحسين الرسالي  جدلية السلطة والهشاشة، مستعرضة ديناميات الصراع النفسي في لحظات الاحتكاك بالاستعمار.

وأضفت الفواصل الزجلية التي أبدعها الأستاذ عبد الباسط برامي نبضا فنيا، مانحة اللقاء بعدا ثقافيا وفنيا مميزين.

وفي إطار النقاش المفتوح، تفاعل الحضور مع الأسئلة والإشكالات المطروحة، قبل أن تُختتم الأمسية بتوجيه كلمات الشكر والتقدير للباحثين والضيوف، تلتها جلسة توقيع الروايتين وحفل شاي جمع المشاركين والجمهور في جو ودي يحمل دلالات ثقافية حميمة.

وتأتي هذه المبادرة لتؤكد مجددا دور الأدب في صون الذاكرة، وتفعيل الحوار الفكري، وترسيخ مكانة مدينة ابن جرير كفضاء يحتفي بالكتابات الأدبية ويمنحها حقها من النقاش والقراءة، حتى تستمر الثقافة في النبش في عمق الذاكرة وتجسير الهوة بين الماضي وأسئلة الحاضر وآمال المستقبل.