تحقيق أمني حول اقتناء بلدية ابن جرير لشاحنات بمليار و288 مليون سنتيم بدون إجراء صفقة
بتعليمات من الوكيل العام، فتحت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش، مؤخرا، بحثا قضائيا تمهيديا بشأن اقتناء الجماعة الترابية لابن جرير شاحنات ومعدات، بتكلفة إجمالية بلغت 12882000 درهم (أكثر من مليار و288 مليون سنتيم)، عن طريق الإسناد المباشر لفائدة إحدى الشركات بدون إجراء أي صفقة عمومية.
عَقدٌ بدلا من صفقة
البحث الأمني استهلته الضابطة القضائية، الخميس 17 غشت الجاري، بالاستماع إلى المستشار الجماعي ميلود باها، المنتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، الذي سبق له أن تقدم بشكاية لدى الوكيل العام بمراكش، الاثنين 17 يوليوز المنصرم، أوضح فيها بأن جماعة ابن جرير تلقت دعما ماليا من وزارة الداخلية قدره 13464400 درهم (أكثر من مليار و 346 مليون سنتيم) من أجل شراء شاحنات و آليات تستعمل في قطاع النظافة.
و تابع بأنه وبعدما اطلع على ملف الاقتناء تبيّن له بأن رئيسة المجلس، المنتمية للحزب نفسه، لم تُعمِل مبدأ المنافسة، موضحا بأنها وبدلا من الإعلان عن طلب عروض مفتوح، لجأت إلى إبرام عقد مباشر مع إحدى الشركات، فيما تم إقصاء الشركة التي أعدت قائمة الآليات وحددت مواصفاتها وأسعارها، والتي تم اعتمادها كمراجع من طرف الجهة المانحة.
رخصة برنامج
و استنادا إلى مصادر مطلعة فقد وافقت وزارة الداخلية على تقديم دعم لجماعة ابن جرير، في إطار “رخصة برنامج”، من أجل تعزيز أسطولها في قطاع النظافة، حيث بدأ الإعداد للعملية، خلال أواخر الفترة الانتدابية السابقة، إذ اعتمدت الجماعة ملفا معدّا من طرف شركة “مكومار MECOMAR”، التي يوجد مقرها بالدار البيضاء، يتضمن الفواتير الأولية والمواصفات التقنية.
و تابعت المصادر نفسها بأن الرئيسة الحالية أبرمت عقدا إداريا تحت عدد 2022/6، في إطار عقود القانون العام، مع شركة “تجهيزات المغرب MAROC EQUIPEMENT”، التي يوجد مقرها الاجتماعي بمدينة الصويرة، بتاريخ 27 أبريل 2022، ليتم الشروع في تسليم الجماعة الشاحنات والآليات، ابتداءً من تاريخ 16 ماي من السنة نفسها.
و قد أشرف عامل الإقليم والرئيسة، الاثنين 3 أكتوبر 2022، على حفل بالمستودع البلدي لإعطاء انطلاقة استعمال الشاحنات الجديدة.
و أضافت مصادرنا بأنه لم تكد تمر سوى أسابيع قليلة حتى بدأت الأعطاب التقنية تصيب الأجهزة الملحقة بالشاحنات، خاصة المعدات الخاصة برفع حاويات الأزبال، كما وقف العمال على أن حمولة بعض شاحنات جمع النفايات تقل عن الشاحنات القديمة بحوالي النصف، وهو ما يصعّب من مأموريتهم ويؤدي إلى تأخير العملية عن وقتها المعتاد، ناهيك عن أن 3 آليات ظلت متوقفة بالمستودع البلدي بسبب الأعطال، و يتعلق الأمر بشاحنة غسل الحاويات، الجرّافة، و الشاحنة المكنسة.
و رغم إيفاد الشركة الفائزة لبعض تقنييها لإصلاح المعدات، فإن مصادرنا تؤكد بأن ذلك لم يزد الوضع إلا تعقيدا، موضحين بأن العديد من حاويات الأزبال تعرضت للإتلاف بسبب الأعطاب التي تصيب الأجهزة التي ترفعها للشاحنات.
عقد للشاحنات وصفقة للحاويات
تضمنت الآليات المقتناة:
5 شاحنات ضاغطة للنفايات بحمولة 16 طنا
شاحنتان ضاغطتان للنفايات بحمولة 7,5 أطنان
شاحنة قمامة صغيرة بحمولة 3,5 أطنان
شاحنة بحمولة 16 طنا
شاحنة بحمولة 16 طنا
شاحنة لتنظيف الأماكن العامة
جرّافة
شاحنة بحمولة 8.5 أطنان لغسل حاويات الأزبال
شاحنة مزودة بصهريج لغسل الشوارع
و بالإضافة إلى الشاحنات و الآليات المذكورة تقدمت الشركة الأولى بعرض لبيع البلدية 290 حاوية كبيرة بسعة 660 لترا بـ1400 درهم للواحدة، و130 أخرى صغيرة بسعة 360 لترا بـ500 درهم للحاوية، محددة الثمن الإجمالي (الشاحنات والحاويات) في 13460400 درهم، فيما اكتفت الشركة الثانية بإبرام عقد الشاحنات وباقي الآليات، لتقوم الجماعة بعقد صفقة عمومية لشراء الحاويات.
و لم يتجاوز الفرق بين عرضي الشركتين 13 ألف درهم، إذ إن العرض المالي للشركة الأولى المتعلق بالشاحنات بلغ 12895200 درهم.
و تساءلت مصادرنا عن السر الكامن وراء لجوء الرئيسة إلى التعاقد المباشر، في الوقت الذي كان حريّا بها الإعلان عن صفقة عمومية وفقا للضوابط القانونية، خاصة وأن شرطي الاستعجال وعدم التوقع غير متوفرين لكي تلجأ لإبرام عقد القانون العام.
الرئيسة: مارست صلاحياتي وأبرمت العقد لتجويد النظافة
في المقابل، أرجعت رئيسة المجلس، بهية اليوسفي، اللجوء إلى عقد القانون العام بدل الصفقة إلى عاملين اثنين، يتعلق الأول بعنصر الاستعجال المتمثل في الخصاص الحاد الذي كان يعاني منه المستودع البلدي بسبب تهالك أسطوله والمطالب الملحة للساكنة بتجويد خدمات النظافة، فيما يرتبط الثاني بممارسة صلاحياتها التي منحها إياها المشرع.
و أوضحت، في اتصال هاتفي أجرته معها “البهجة24″، بأن الملحق 5 من مرسوم الصفقات العمومية يعطي الصلاحية لرئيس الجماعة في إبرام العقد لاقتناء المنقولات والمَركبات.
و تابعت بأن إبرام العقد تم بعد استشارة أجرتها لجنة محلية مع 5 شركات، قبل أن يقع الاختيار على الشركة المتعاقد معها، لافتة إلى أن عدم انتقاء “مكومار” وشركة أخرى راجع لتنفيذ توصية لوزارة الداخلية باستبعاد الشركات التي تم اعتماد فواتيرها كمراجع للأثمنة.
و أضافت بأن المرحلة الأخيرة من إعداد العقد شهدت انعقاد لجنة محلية للانتقاء برئاسة رئيسة المجلس، قبل أن يتم التأشير على العقد من طرف عامل الإقليم، بعد إخضاعه لافتحاص من طرف رئيس قسم الجماعات الترابية بالعمالة، ليُحال في الأخير على المديرية العامة للجماعات الترابية.
و تابعت بأنه لو أن وزارة الداخلية لاحظت أي خرق محتمل لكانت رفضت الموافقة عليه وألغت الدعم من الأصل، مستغربة كيف أن بعض الأعضاء انتظروا مرور أكثر من سنة على إبرام العقد ليتقدموا حاليا بشكاية أو يتحدثوا عن عيوب تقنية مفترضة.
و نفت بأن تكون البلدية قد تسلمت شاحنات تعتريها عيوب تقنية، مذكرة بأن العقد مشمول بضمانة لمدة سنة، مرجعة عدم استعمال بعض المَركبات لعدم توفر الجماعة على سائقين مؤهلين تقنيا.
و أشارت إلى أن الطلب الذي تقدّم به المجلس السابق لوزارة الداخلية كان يتعلق باكتراء شاحنات، مضيفة بأن لقاءاتها على هامش كوب 26 باسكتلندا أثمرت إقناع مسؤولين بالوزارة بتحويل الدعم إلى تمويل اقتناء.