تلقى اللقاح متأخرا لنفاذ المخزون..وفاة طفل بعضة كلب بمراكش
لم تكد تمضي سوى أيام قليلة على دق فرع “المنارة” للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ناقوس الخطر حول نفاد مخزون لقاح داء السعار (الجْهَلْ) بالمكتب الجماعي لحفظ الصحة بمراكش، و لجوء المصابين به إلى مدن مجاورة، حتى توفي طفل، يبلغ 10 سنوات، متأثرا بعضة كلب و عدم تلقيه اللقاح في التوقيت المناسب، إذ اضطرت أسرته لنقله لمدينة شيشاوة.
الجمعية الحقوقية تطالب الوكيل العام بمراكش و مدير المستشفى الجامعي و عمدة المدينة و المندوب الإقليمي لوزارة الصحة و الحماية الاجتماعية، بـ”فتح تحقيق قضائي و إداري لتحديد المسؤوليات و ترتيب الآثار القانونية حول وفاة الطفل بعد إصابته بداء الكلب”.
و أوضحت الجمعية، في رسائل وجّهتها إليهم اليوم الخميس 6 يونيو الجاري، بأن الطفل توفي، صباح أمس، أمام عيادة طبية بحي “ديور الشهداء” بمقاطعة “سيدي يوسف بن علي”، بعد نقله من طرف والدته عند طبيب عام، إثر ارتفاع درجة حرارة جسمه و إصابته بحمى شديدة طالت سائر جسمه بسبب عضة كلب في ساقه، منذ أسبوعين، بجماعة “حربيل”، ضواحي مراكش.
و تابعت الرسالة أنه، و فور تعرّض الطفل للعضة، قامت أمه بنقله إلى المستشفى الجامعي “محمد السادس”، حيث تم حقنه بمصل، ثم عاد أدراجه إلى المنزل بعدما تم رتق الجرح الناجم عن العضة، مع وصفة دواء.
و بعدما بدأت تظهر عليه علامات الإرهاق و التعب الشديد و الاختناق، سارعت والدته إلى نقله، مرات عديدة، إلى مستشفى الأم و الطفل، التابع للمركز الإستشفائي الجامعي، لكن الجمعية تقول إن “الأطباء هناك طمأنوها على حالته الصحية”.
و أضافت الرسالة أن الطفل تدهورت صحته و أصبح يعاني من ضيق في التنفس و إرهاق شديد و تعب تام، حيث قامت أمه بالذهاب به إلى عائلتها المتواجدة بـ”ديور الشهداء” قصد عرضه على طبيب عام متواجد بالحي المذكور، لكنه فارق الحياة قبل دخول العيادة، و من المقرر أن يكون تم دفنه، اليوم، بعد استكمال الإجراءات القانونية.
و تؤكد الرسالة أن “وفاة الطفل ناتجة عن الإهمال و التقصير من طرف المصالح الصحية”، موضحة أن “الضحية لم تقدم له المساعدة و العلاج الكافي، و لم يتم ضمان حقه في الرعاية الصحية”.
و أشارت الجمعية إلى أن الطفل “كان مصابا بالسعار بسبب عضة كلب، مما يجعل تشخيص إصابته بالداء أمرا سهلا منذ أول فحص طبي”، مضيفة أنه “تم نقله إلى المكتب الجماعي لحفظ الصحة لتلقي اللقاح المضاد للداء، إلا أنه لم يكن متوفرا مما اضطر أمه إلى اللجوء لمدينة شيشاوة، حيث تلقى اللقاح بعدما بلغت الإصابة درجات متقدمة من الخطورة”.
و ذكّرت الجمعية بأنه سبق لها أن حذرت من “الانتشار الواسع للكلاب الضالة و ما تشكله من خطورة على سلامة و صحة سكان المدينة و نواحيها”.
كما سبق لها أن نبهت إلى “النقص الحاد في اللقاح المضاد لداء الكلب، إذ إن بعض المصابين لم يتلقوا الجرعات كاملة إلا بعدما اضطروا للانتقال خارج عمالة مراكش”.
و اعتبرت الجمعية تصريحات الطبيب المشرف على المكتب الجماعي لحفظ الصحة بـ”أن اللقاح متوفر، و أن الجماعة تواجه الخصاص، و تتصدى لظاهرة الكلاب الضالة”، (اعتبرها) “مزاعم لا تصمد أمام الواقع و تكذبها واقعة الطفل المتوفى”.
و أكدت الرسالة أن “مكتب حفظ الصحة كان يفتقد للقاح، كما أعلنت عن ذلك الجمعية في بلاغها، الصادر بتاريخ 30 ماي المنصرم”.
و تطالب الجمعية بـ”إجراء تحقيق شفاف و نزيه حول وفاة الطفل لتحديد المسؤوليات المؤسساتية و الفردية، و تحديد أسباب و ملابسات الوفاة، مع ترتيب الآثار القانونية اللازمة، إقرارا لقواعد العدل والإنصاف”، و بـ”جبر ضرر أسرة الطفل الفقيد”.
كما تطالب بـ”اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية سلامة و صحة السكان من الإصابات التي قد تؤدي إلى الوفاة في حالة عدم التلقيح فورا و تلقي الجرعات الكافية المحددة من طرف الأطباء”.
و نبهت الجمعية إلى أنها “ليست المرة الأولى التي ترصد فيها المسؤولية التقصيرية و اللامبالاة اتجاه ملزمين بتلقي لقاحات حسب البروتوكولات الطبية المتعارف عليها، سواء بالنسبة للمصابين بداء الكلب الذين اضطروا إلى إتمام الجرعات خارج مراكش، أو الحصبة (بوحمرون)”، مستدلة على ذلك “بما حدث مع العديد من الأطفال، خلال الأسابيع القليلة الماضية”.
و دعت الجهات المختصة إلى “توفير كل اللقاحات و تخزينها لتفادي أي خصاص، و التصدي لظاهرة الكلاب الضالة بتوفير الموارد البشرية و الوسائل اللوجستيكية الكافية”.