رئيس النيابة العامة يستعرض مجهودات المغرب للوقاية من التعذيب و مناهضته
أكد مولاي الحسن الداكي، الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض/ رئيس النيابة العامة، بأنه “منذ أن أصبح المغرب طرفا في اتفاقية مناهضة التعذيب، شهدت القوانين الوطنية إصلاحات مستمرة، إذ كان من بين ما استهدفته إدماج أحكام هذه الاتفاقية في مقتضياتها”، معتبرا دستور سنة 2011 أهمها، من خلال تنصيصه على جعل الاتفاقيات الدولية تسمو على التشريعات الوطنية، فور نشرها، فضلا عن تخصيصه بابا كاملا للحقوق و الحريات الأساسية.
جاء ذلك في كلمته بمناسبة افتتاح أشغال الدورة التكوينية حول “البلاغات الفردية بموجب اتفاقية مناهضة التعذيب”، اليوم الاثنين 18 دجنبر الجاري، بالمعهد العالي للقضاء بالرباط.
و ذكّر، في هذا الصدد، بالرسالة الملكية الموجهة إلى المشاركين في المناظرة الدولية بمناسبة الاحتفاء بالذكرى الـ75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بتاريخ 7 دجنبر الحالي.
كما أشار إلى إنشاء المغرب الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، من خلال تكليف المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان بالقيام بزيارة جميع أماكن الحرمان من الحرية، تفعيلا لمقتضيات البرتوكول الاختياري الملحق بالاتفاقية الدولية لمناهضة التعذيب، المعتمدة من طرف الأمم المتحدة سنة 1984، و التي وقّع عليها المغرب سنة 1986 و صادق عليها، في سنة 1993، قبل أن ينضم إلى البرتوكول، سنة 2014، و الذي يسمح للجنة الفرعية لمناهضة التعذيب بالقيام بزيارات للبلدان التي تعتبر طرفا فيه، كما ينص على إحداث آلية وطنية للوقاية من التعذيب.
و أكد الداكي، أيضا، بأن موضوع حماية حقوق الإنسان حظي بأهمية بالغة في اهتمامات و أولويات رئاسة النيابة العامة، منذ إحداثها، و هو ما قال إنه “انعكس في العديد من المبادرات و البرامج، كبرنامج تعزيز قدرات القضاة في مجال حقوق الإنسان، الذي شُرع في تنفيذه في دجنبر 2020”.
و قد استفاد منه أكثر من 1000 مشارك، منهم أكثر من 900 قاض و قاضية، من قضاة الحكم و قضاة النيابة العامة، بالإضافة إلى مسؤولين قضائيين، و كذا 123 مستفيدا من أطر و مسؤولي رئاسة النيابة العامة و المجلس الأعلى للسلطة القضائية، فضلا عن 108 مستفيدين يمثلون المجلس الوطني لحقوق الإنسان و المديرية العامة للأمن الوطني و قيادة الدرك الملكي و المندوبية العامة لإدارة السجون.
و تابع بأن رئاسة النيابة العامة انخرطت، منذ سنوات، في المجهودات الوطنية الرامية إلى الوقاية من التعذيب و مناهضته، من خلال اعتماد العديد من التدابير و المبادرات، من قبيل:
ـ اعتبار موضوع الالتزام بوضع مناهضة التعذيب ضمن أولويات السياسة الجنائية
ـ توجيه رئيس النيابة العامة دورية إلى المسؤولين القضائيين عن النيابات العامة، بتاريخ 16 أكتوبر 2019، يحثهم على التفاعل الإيجابي مع الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب.
ـ حرصها على التنفيذ الصارم للمقتضيات القانونية المتعلقة بمكافحة التعذيب والوقاية منه، من خلال القيام بزيارات تفقدية لأماكن الحرمان من الحرية، و التثبت من تطبيق المقتضيات القانونية المتعلقة بالفحص الطبي للأشخاص المقدمين إليها بعد الحراسة النظرية، تلقائيا أو بناء على طلب، والبت في جميع الشكايات المتعلقة بالتعذيب المعروضة عليها، تفعيلا لمقتضيات المادة 12 من اتفاقية مناهضة التعذيب.
ـ إعداد و نشر دليل استرشادي في مجال مناهضة التعذيب.
هذا فضلا عن حرص رئاسة النيابة العامة على توجيه العديد من الدوريات و المناشير إلى النيابات العامة في العديد من القضايا و المواضيع ذات الصلة بتعزيز حماية حقوق الإنسان.
و لفت إلى أن أشغال هذه الدورة التكوينية، التي ستمتد على يومين، سيستفيد منها حوالي 80 مشاركا من بين قضاة النيابة العامة و قضاة الحكم وقضاة التحقيق و ضباط الشرطة القضائية، فضلا عن مسؤولين و أطر برئاسة النيابة العامة و ممثلين عن المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان و وزارة العدل و وزارة الداخلية و المندوبية العامة لإدارة السجون و إعادة الإدماج، و المجلس الوطني لحقوق الإنسان.
يُذكر بأن هذه الدورة التكوينية، التي ستليها دورة ثانية بمراكش في شهر فبراير المقبل، تهدف لتعزيز إعمال المعايير الدولية لحقوق الإنسان المنبثقة عن الاتفاقيات الأساسية الـ9، التي صادق عليها المغرب و التزم بإعمال مقتضياتها.
و تُنظّم الدورة من طرف رئاسة النيابة العامة، احتفالا بالذكرى الخامسة و السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بشراكة مع المندوبية الوزارية المكلفة بحقوق الإنسان، و بتعاون مع مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بالأمم المتحدة، و بمساهمة مركز جنيف لحوكمة قطاع الأمن.