ردّا على بلاغ التامك..الداكي: يجب تغيير الثقافة التي ترى أن العدالة الجنائية الناجعة تكمن فقط في الاعتقال

ردّا على بلاغ التامك..الداكي: يجب تغيير الثقافة التي ترى أن العدالة الجنائية الناجعة تكمن فقط في  الاعتقال

لم تمض سوى يومين على بلاغ المندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج بشأن ارتفاع أعداد السجناء، حتى أكدت رئاسة النيابة العامة عزمها تنظيم لقاء، خلال شتنبر المقبل، يجمع المؤسسات والجهات المعنية لمناقشة موضوع الاكتظاظ بالسجون و تدبير الاعتقال الاحتياطي.

كما أكدت، في بلاغ صدر عنها اليوم الأربعاء 9 غشت الجاري، بأنها سوف تواصل دورها التأطيري والتحسيسي لقضاة النيابة العامة لاتخاذ ما يلزم من تدابير، وفق ما يفرضه القانون، من أجل ترشيد الاعتقال الاحتياطي.

و تابعت بأن مقاربة معالجة الجريمة تختلف من دولة لأخرى، حسب خصوصيتها والثقافة السائدة لدى مواطنيها، معتبرة بأن الأمر في المغرب  يتطلب العمل المتواصل من أجل تغيير الثقافة السائدة حاليا لدى فئات من المواطنين الذين يرون أن العدالة الجنائية الناجعة تكمن في  الاعتقال،  وأن الردع الصائب هو  العقوبات السالبة للحرية في جميع القضايا، وإلا فإن هذه العدالة تبقى منتقدة وغير مجدية، “علما أن القضاء بصفة عامة لا يأبه بهذا الاتجاه، وإنما يحرص على التطبيق السليم والملائم للقانون” يستطرد البلاغ.

ودعت إلى مقاربات متعددة تروم أنسنة المؤسسات السجنية، وتوفير الظروف الملائمة للعاملين بها لأداء مهامهم بيسر، مع استحضار استمرارية ضمان  أمن وسلامة المجتمع.

و أشارت رئاسة النيابة العامة للتطور النوعي لمظاهر الجريمة، في السنوات الأخيرة، موضحة بأن عدد الخارجين عن القانون بلغ، خلال النصف الأول من السنة الجارية، حوالي 309259 شخصا، أغلبهم من أجل الاتجار في المخدرات، وشغب الملاعب المرتبط بالتظاهرات الرياضية، وجرائم الأموال والجرائم المالية التي تندرج في إطار مواجهة الفساد المالي، والاعتداء على الأشخاص سواء في إطار  عصابات إجرامية أو السرقات الموصوفة أو غيرها من الجرائم الخطيرة.

كما تم توقيف حوالي 162545 شخصا كانوا موضوع برقيات بحث على الصعيد الوطني، و تنفيذ الأحكام الباتة القاضية بعقوبات سالبة للحرية صادرة في مواجهة محكومين في حالة سراح، و إيداع مجموعة من الأشخاص الصادرة في مواجهتهم أوامر بالإكراه البدني بعدما تخلفوا عن أداء الغرامات المالية، أو الديون العمومية أو الخصوصية المتخلفة في ذمتهم.

و اعتبر البلاغ بأن النيابات العامة، وعيا منها بضرورة عقلنة تدبير الاعتقال، دأبت على عدم اللجوء إليه إلا عند الضرورة، موضحا بأن نسبة الاعتقال لم تتجاوز 24%، وهي نسبة وصفها بـ ” المعقولة جدا مقارنة مع النسب المرتفعة المسجلة لدى بعض الدول الأخرى”.

و تابع بأن عدد المعتقلين احتياطيا، حتى يوليوز الفارط، عرف انخفاضا، حيث بلغ حوالي 39% مقابل 40% خلال الفترة نفسها من السنة الماضية، وعلى عكس النسب المسجلة خلال السنوات الفارطة.

و أشار إلى أن رئاسة النيابة تواكب موضوع الاعتقال وتتفاعل مع وضعية المؤسسات السجنية المكتظة، من خلال توجيه عمل النيابات العامة بمقتضى دوريات أو عقد اجتماعات مع مسؤوليها، وأيضا عبر تنظيم دورات تكوينية في هذا المجال، مع الأخذ بعين الاعتبار التلازم بين مواجهة استفحال الجريمة وحماية المواطن والمجتمع من آثارها.

و أشار إلى أن التفاعل الإيجابي بين رئاسة النيابة العامة والمصالح المركزية للشرطة القضائية أثمر الرفع من النجاعة القضائية، من خلال ترشيد إنجاز الأبحاث الجنائية داخل أجل معقول، لا يتجاوز غالبا 3 أشهر.

و لفت البلاغ إلى أن الساكنة السجنية توزعت، خلال 2022، على: حوالي  30% من أجل  الاتجار في المخدرات، و31% في إطار الجرائم المالية وجرائم الأموال،  و30% من أجل جرائم الاعتداءات الخطيرة على الأشخاص، كالقتل أو  تكوين عصابات إجرامية أو استعمال السلاح الأبيض…

وذكّر بأن القضايا الزجرية بالمحاكم تشكل حوالي 62% من مجموع القضايا الرائجة بها، وأن قضاة الحكم يبذلون مجهودات جبارة من أجل تصفيتها داخل آجال معقولة، رغم عدة إكراهات مرتبطة بالجانب القانوني والواقعي، ولا سيما مسألة التبليغ، ناهيك عن الخصاص في عدد القضاة بصفة عامة.