سنتان حبسا نافذا لمقاول أدين بتهمة “هتك عرض قاصر” بقلعة السراغنة

سنتان حبسا نافذا لمقاول أدين بتهمة “هتك عرض قاصر” بقلعة السراغنة

عبد الرحمان البصري

ملف مثير يتعلق باعتداء جنسي على قاصر أصدرت بشأنه ابتدائية قلعة السراغنة، مؤخرا، حكما بسنتين حبسا نافذا ضد مقاول توبع، في حالة اعتقال، بتهمتي “التغرير بقاصر يقل سنة عن 18 سنة”، و”هتك عرض قاصر يقل سنه عن 18 بدون عنف”.

القضية تقدمت خلالها والدة الضحية بتنازل عن متابعة المشتكى به، وتراجع الطفل عن تصريحاته أمام الشرطة القضائية التي تورط المتهم، فيما تنصّبت جمعية طرفا مدنيا، في الوقت الذي من المقرر أن تبدأ المرحلة الاستئنافية بمراكش بعد العطلة القضائية.

التوقيف

    السبت 29 يوليوز الفارط. لازال الطقس حارا بقلعة السراغنة رغم أن الساعة تقترب من منتصف الليل. بمدخل عمارة لم يكن منظر طفل مرتبك وهو برفقة شخص في نهاية عقده الرابع يوحي بالاطمئنان لدى فرقة الدرّاجين. ارتابوا من طبيعة علاقتهما. وبعد تفتيش روتيني كانت المفاجأة. القاصر عُثر بحوزته على تبّان نسائي. وعند إجراء معاينة أولية لهاتف الشخص الراشد، تم الوقوف على صور خليعة للطفل نفسه وهو يرتدي تبّانا نسائيا.

البحث

  في اليوم الموالي أحيل الملف على الشرطة القضائية، التي قامت بتفريغ محتوى الرسائل الصوتية والنصية والصور بالواتساب الخاص بالشخص الراشد الموقوف، فتبيّن بأنها إجمالا عبارة عن تغرير وتحريض وكلمات خادشة للحياء. و إثر تفحص خاصية “معرض الصور” Galerie بهاتفه، تمت معاينة فيديوهات خليعة محمّلة من مواقع إباحية، ليُنجز محضر معاينة للهاتف وتفريغه.

بعد تنقيط هويته بالناظم الآلي تبيّن بأنه بدون سوابق قضائية، وهو مقاول يبلغ 39 سنة، متزوج و أب لـ3 أبناء، فيما الضحية المفترض تلميذ يبلغ 16 سنة.

الصدمة

  خلال الاستماع إلى القاصر، بحضور والدته، فجّر مفاجأة. صرّح بأن المشتبه به سبق و أن مارس عليه الجنس الفموي برضاه بشقته ونفحه بـ40 درهما.

و أوضح بأن علاقته معه ترجع لحوالي شهر، حين كان يتجول رفقه قاصر آخر بمدخل السوق المركزي (المارشي) فالتقيا بالمشتبه فيه يبحث عن عمال مياومين، ودار بينهم حديث، ليطلب منه توفير مسكن له يؤويه. أبدى المقاول موافقته و سلمه رقم هاتفه وظلا على تواصل.

و تابع بأن علاقتهما تطورت ووصلت حد تغزل المقاول به، إذ أقلّه قبل أسابيع على متن سيارته وتوجه به إلى باب عمارة حيث دلّه على الشقة، ثم سلمه مفتاحين خاصين ببابي العمارة والشقة، قبل أن يمنحه 100 درهم ويفترقا.

الضحية المفترض أكد بأن والده منفصل عن أمه التي يقيم معها، والتي صرّح بأنها أصبحت دائمة الخلاف معه بسبب لومها المتواصل له على تصرفاته و ميوله لكل ما هو أنثوي، وهو ما دفعه للتفكير في مغادرة المنزل والاستقرار بمسكن منفصل عنها.

تصريحات القاصر أكدتها أمه، التي قالت إنها كانت تلومه أحيانا على تصرفاته وميولاته الأنثوية، قبل أن تتسلم ابنها من الشرطة وتتعهد بإحضاره زوالا لإتمام البحث.

فحص طبي

  بتعليمات النيابة العامة، تم عرض القاصر على فحص طبي قامت به طبيبة أمراض نساء وتوليد، و التي حررت شهادة تؤكد بأن دبره لم يتعرّض لأي عملية إيلاج، وأنه لا يحمل أي خدوش أو آثار لممارسة جنسية.

مواجهة

 أجرت الضابطة القضائية مواجهة بين المقاول والقاصر، الذي عاد وصرّح بأن الأول مارس عليه الجنس الفموي، مصرّا على متابعته أمام القضاء، فيما نفى المشتبه فيه بأن يكون مارس عليه الجنس بأي شكل من الأشكال.

في المقابل، اعترف بأنه كان يوجه إلى القاصر عبارات تغرير، موضحا بأنه كان في حالة سكر فطلب منه القدوم عنده للشقة والمبيت معه، وعندما تعذّر على الطفل تلبية طلبه، طلب منه إرسال صور له وهو في أوضاع خليعة.

التقديم

 بعد انتهاء البحث التمهيدي، أجرت الشرطة القضائية، الثلاثاء فاتح غشت الجاري، مسطرة التقديم للمشتبه به “ي.ه” أمام أحد نواب وكيل الملك لدى ابتدائية قلعة السراغنة، الذي تابعه بجنحة “التغرير بقاصر يقل سنة عن 18 سنة”، المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصل 475 من القانون الجنائي، وجنحة “هتك عرض قاصر يقل سنه عن 18 بدون عنف”، طبقا للفصل 484 من القانون الجنائي، مع إحالته على المحاكمة، اليوم الموالي، في حالة اعتقال، لخطورة الفعل الجرمي وانعدام ضمانات الحضور.

المحاكمة

 لم تستمر الجلسة الأولى سوى دقائق معدودة، فقد تأخرت لجلسة 7 غشت استجابة من المحكمة لملتمس بإعداد الدفاع تقدم به محامي الضحية.

في الجلسة الثانية تقدمت والدة الطفل بتنازل مكتوب عن متابعة المشتكى به، فيما انبرى ممثل الحق العام ملتمسا استبعاد التنازل بسبب صدوره عن جهة غير مخول لها الولاية القانونية على القاصر، التي تعود لوالده. كما التمست النيابة العامة الحكم على المتهم بـ5 سنوات حبسا نافذا.

كما تراجع الضحية عن تصريحاته التمهيدية أمام الضابطة القضائية، نافيا أمام المحكمة بأن يكون المتهم قد هتك عرضه، أو مارس عليه الجنس بأي شكل من الأشكال.

و قد تنصّبت جمعية النور لحقوق الأم والطفل بقلعة السراغنة طرفا مدنيا في الملف، إذ أعلن المحامي محمد صدقي، من هيئة مراكش، نيابته عنها، ملتمسا الحكم لها بدرهم رمزي كتعويض، وداعيا إلى “تشديد العقوبات ضد المعتدين جنسيا على الأطفال، والمستغلين لأوضاعهم الاجتماعية والإنسانية كما في نازلة الحال”.

و بعدما كان المتهم آخر من أعطيت له الكلمة، أعلن رئيس الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية حجز الملف للمداولة لآخر الجلسة، قبل أن تعود الهيئة لقاعة الجلسات ويُنطق بالحكم القاضي ضده بسنتين حبسا نافذا مع الصائر و عدم قبول المطالب المدنية.