طبيب مغربي متطوع:”ما تعانيه غزة هو أسوء ما عايشته بأماكن النزاعات و الحروب التي أجوبها منذ 25 سنة”
قال إن “ما يقع بغزة تحت أنظار العالم سيبقى وصمة عار للأبد”
“منذ 25 سنة و أنا أجوب أماكن النزاعات و الحروب. إن ما يعيشه الناس في غزة هو أسوء ما عايشته. كل هذا و لم نتمكن بعد من الذهاب للشمال .ما يقع بهاته الأرض و تحت أنظار العالم سيبقى وصمة عار للأبد و سينتج آثارا لا يعلمها إلا الله”.
بهذه الكلمات الحزينة ختم الطبيب المغربي، زهير لهنا (58 سنة)، تدوينة كتبها، قبل يومين، على صفحته بالفايسبوك، بعد انتهاء عمله التطوعي ضمن حركة “أطباء بلا حدود” في غزة، التي تشن عليها إسرائيل، منذ 7 أكتوبر الماضي، حربا مدمرة خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال و نساء.
شهر في غزة
يصف لهنا، الطبيب الأخصائي في جراحة النساء و التوليد، ساعاته الأخيرة بالقطاع قائلا: “و أخيرا طُلب منا الخروج من غزة. مرّ شهر بسرعة. شعرت، في الأيام الأخيرة، أنني لم أفعل الشيء الكثير. لازلت لدي عدة أشياء لم أفعلها، و التي تتحدى الواجب الطبي. الناس هنا في حاجة لكل شيء: الأكل و المأوى و الملابس، ناهيك عن احتياجهم للماء و الاستحمام و الحليب و الحفاضات للأطفال”.
و تابع:”لا أستطيع أن أصف لكم شعوري و أنا في فندق بالقاهرة في أمان لا أسمع رنين الطائرة بدون طيار و لا دوي القصف و لا أحس أنه من الممكن أن تُقصف سيارة الإسعاف التي تنقلني يوميا بين المستشفيات، أو أن تقصف سيارة أو رجل بجانبي …لا يمكن أن أصف معنى الأمان لمن لم يعش الرعب و الخوف”.
لهنا، الحاصل على شهادة الطب بكلية الدار البيضاء و الذي يشغل حاليا مناصب جامعية و طبية بفرنسا، و بالرغم من تضحياته، قال:”ينتابني شعور بالتقصير، و الأسى يعتصر قلبي. تغمرني أحاسيس مختلفة يصعب علي التعبير عنها. سأعود لتطمئن والدتي و أحضن أبنائي، ثم أعمل كلما بوسعي لأخبر من يريد أن يسمع بما يعلمه أصلا”.
قصفُ رفح
و قبل ذلك، كتب تدوينة، بتاريخ 12 فبراير الجاري، يروي فيها مشاهد من عمله التطوعي بالمستشفى الأوروبي بخانيونس، بعد القصف الذي تعرضت له رفح.
“لم ينم سكان رفح و اللاجئون، الليلة الماضية، في رفح…في عز الليل بدأ قصف شديد بكل أنواع الأسلحة و على عدد كبير من البنايات، بما فيها المساجد و المخيمات، مما أسفر عن سقوط عدد كبير من القتلى، فيهم الأطفال و النساء”.
و أضاف:”في المستشفى الأوروبي بغزة، الذي أتواجد فيه، وصل عدد كبير من الشهداء و المصابين، مما جعل فريق الأطباء يذهب فورا للمستعجلات و قاعات العمليات لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. ظروف عملنا سيئة مما يسفر عن عدد كبير من الوفيات رغم جهودنا”.
ثم أردف: “اتصلت بمن أعرفهم في رفح في تل السلطان و علمت أنهم لم يناموا من شدة القصف.ليلة رعب لساكنة مقهورة تعاني من ظروف عيش صعبة و غير إنسانية”.
“و أنا أكتب هاته الأسطر، فجرا، أسمع منبهات السيارات التي تحمل المصابين و دوي انفجارات غير بعيدة عن المستشفى” يختم تدوينته.