طبيب مغربي يصف الأجواء بغزة بعد ثالث زيارة تطوعية منذ بدء العدوان
بعدما أمضى بها شهرا ضمن بعثة طبية تطوعية، غادر الطبيب المغربي، زهير لهنا (58 سنة)، أول أمس الأحد 14 يوليوز الجاري، غزة، التي تشن عليها إسرائيل حربا مدمرة، منذ 7 أكتوبر 2023، خلفت عشرات الآلاف من الضحايا المدنيين، معظمهم أطفال و نساء.
بدأ لهنا، زيارته لغزة، في أول أيام عيد الأضحى، و امتدت حتى أول أمس، بعدما سبق له أن زارها مرتين، خلال العدوان الأخير، في إطار قافلتين طبيتين، الأولى في يناير، و الثانية في أبريل الماضيين.
و كتب لهنا على صفحته بفايسبوك: “الخروج من غزة يترك غصة و ألما عند وداعها، و وداع الأصدقاء و الأحبة و الزملاء، حين نتركهم وسط أجواء الحرب الخانقة. حياتهم تدمرت بالكامل، و هم يتعرضون يوميا لخطر الموت”.
و أشار إلى صعوبة دخول الأطقم الطبية إلى غزة أو الخروج منها، موضحا أن “خروج الوفود الطبية و الإغاثية من غزة، يتطلب التنسيق المسبق و جرد الأسماء ليوم محدد، و لا تأتي الموافقة النهائية إلا في اليوم الذي يسبق يوم الخروج، و أحيانا في ساعة متأخرة من النهار”.
و في تدوينة أخرى بعنوان “قهر الرجال”، وصف لهنا بتأثر اللحظات الأخيرة من زيارته لغزة و هو يودع زملاءه الفلسطينيين. “توجهت لأسلّم على الدكتور مهدي في قسمه، فوجدته يجلس في مكتب الممرضات. كان منهكا و شاردا على غير عادته. جلست بجانبه، فنظر إليّ بعينين مثقلتين بالهموم، و قال إنه اضطر لترك منزله مرة أخرى بعدما أبلغهم جيش الاحتلال بضرورة إخلاء بلدته شرق خان يونس مجددا. بمرارة، أخبرني كيف أنهكته رحلة الذهاب و الإياب التي كلفته 1000 دولار، و كيف تجرعت زوجته و أطفاله الخوف و المشقة. إذ اضطروا كعدد كبير من الغزاويين إلى أن يخرجوا من ديارهم و يمشون في الليل يحملون صغارهم و قليلا من متاعهم. يعلمون أن جيش الاحتلال إذا دخل أي مكان فهو يقصف و يدمر كل حي”.
و تابع لهنا: “بينما كان يسرد هذه المعاناة، لم يستطع حبس دموعه، و أجهش باكيا. رئيس قسم يبكي وسط الأطباء و الممرضين..هذا هو واقع أهل غزة تحت وطأة هذا العدوان الوحشي على شعب أعزل. ناولته رئيسة التمريض كوب ماء و منديلا ليمسح دموعه. نظر إليّ و قال: منذ بداية الحرب و أنا أصبّر نفسي، لكن ما يصيبنا فاق حدود التحمل”.
و خلص لهنا قائلا: “هذا العدوان لم يدمر الحجر و البشر فقط، بل طال النفوس و الأحلام. تكالبت قوى كبيرة على بقعة صغيرة، ليس لهم هدف سوى كسر إرادة أهلها و صمودهم، و إجبار العديد منهم، خاصة رؤوس الأموال و المثقفين، على الهجرة”.
لهنا، الحاصل على شهادة الطب بكلية الدار البيضاء و الذي يشغل حاليا مناصب جامعية و طبية بفرنسا، سبق له أن جاب العديد من أماكن النزاعات و الحروب، إذ سبق له أن زار سوريا، في 2014، و أفغانستان، كما ساعد مرضى في دول إفريقية عديدة.