فيدرالية الناشرين: مشروع قانون مجلس الصحافة ضربة موجعة للرصيد الديمقراطي والحقوقي للمغرب

فيدرالية الناشرين: مشروع قانون مجلس الصحافة ضربة موجعة للرصيد الديمقراطي والحقوقي للمغرب

اعتبرت الفيدرالية المغربية لناشري الصحف مصادقة الحكومة، خلال مجلسها الأخير، على مشروع القانون رقم 26.25 المتعلق بإعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة، وعلى مشروع القانون رقم 27.25 يقضي بتغيير وتتميم القانون رقم 89.13 المتعلق بالنظام الأساسي للصحافيين المهنيين، (اعتبرته) “فعلا تشريعيا تراجعيا وجّه ضربة موجعة لبلادنا ولرصيدها الديمقراطي والحقوقي”.

كما اعتبره بلاغ شديد اللهجة صدر عن الفيدرالية عقب اجتماع مكتبها المركزي، أمس الجمعة 4 يوليوز الجاري، “خطوة أخرى نحو انحدار جديد في الممارسة المهنية ببلادنا، ونحو مزيد من تشرذم الجسم المهني الوطني، وضربة أخرى للمكتسبات الديمقراطية والحقوقية التي راكمتها بلادنا، وفي كل هذا لعبت الحكومة ووزارتها في القطاع دور المايسترو  لابتداع سيناريو رديء المضمون والإخراج”..

واعتبره أيضامتناقضا مع المادة 28 من الدستور، ويقبر كل معنى لمؤسسة التنظيم الذاتي للصحفيين، ويجعل مهنة الصحافة في المغرب اليوم وجها لوجه أمام تحالف مصلحي تجاري ريعي وهيمني”.

وقال البلاغ إن “من يدعي تمثيليته للقطاع وقوته الميدانية و”الحجم الكبير” لمقاولاته لا يجب أن يخشى الاحتكام للانتخابات واكتساب شرعية التمثيل من أصوات زملائه، وليس اعتمادا على قانون تعسفي، أو على تدخل سافر للحكومة عبر تشريع جرى التخطيط له انطلاقا من أحقاد ذاتية آنية، أومن مزاجية هيمنية وريعية”.

وعلاوة على وزارة القطاع (وزارة الشباب والثقافة والتواصل) واللجنة المؤقتة، حمّلت الفيدرالية، أيضا، مسؤولية ما وصفته بـ” الانحدار المتوج بالتشريعين التراجعيين”، إلى من سمّتها بـ”أطراف مهنية معروفة”، مشيرة إلى أن “لحسابات الأنانية المحدودة لن تؤسس لأي مشروع بديل جدي، ولا لبداية تعافٍ حقيقية لهذا الإعلام الذي يتمنى الصادقون اليوم أن يرجع لمجرد مستوى ما كان عليه قبل جائحة كورونا”.

ودعت الفيدرالية أعضاء البرلمان بغرفتيه إلى تحمّل مسؤوليتهم التاريخية تجاه الصورة الديمقراطية العامة للمملكة”، و إلى أن “يترفعوا عن منطق الانتماء الأغلبي الضيق، وأن يدركوا حجم الضرر المتضمن في النصين اللذين سيحالان عليهم من الحكومة، ويعملوا على تصحيح اختلالاتهما، آملة أن “يمنحوا للبرلمان شرف الانتصار  للصحافة وحريتها”.

كما دعت “كل مقاولات الصحافة المكتوبة والإلكترونية ونقابات الصحفيين ذات المصداقية، وعموم المهنيات والمهنيين، والهيئات الحقوقية والقوى الوطنية الديمقراطية، وكل الغيورين والمدافعين عن حرية الصحافة وعن مصداقية الصحافة واستقلالية مؤسسة التنظيم الذاتي، وعن الصورة الديمقراطية لبلادنا، بالاصطفاف إلى جانب المهنة ومقومات دولة القانون، والوقوف ضد هذا التراجع والتردي والعبث بمهنة هي رئة الديمقراطية”.

وسجل البلاغ ما اعتبره “دوسا للوزارة المكلفة بقطاع التواصل، ومعها الحكومة، على المقاربة التشاركية، وإقدامها على هذه الخطوة التشريعية من دون أي تشاور مسبق مع منظمة مهنية عريقة مثل الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، وذلك عكس ما دأبت عليه كل الحكومات التي سبقتها”، منددة بقوة بما وصفته بـ” العقلية الإقصائية البغيضة المميزة لسلوك الحكومة الحالية ووزارتها في القطاع”.

وأوضح البلاغ أن مشروع القانون الذي صادق عليه مجلس الحكومة بشأن المجلس الوطني للصحافة نص على اعتماد “الانتداب” لفئة الناشرين، مقابل “الانتخاب” لفئة الصحفيين، وهو ما اعتبره “مفجعا مهنيا وقانونيا ودستوريا”، إذ قال إنه “يرسخ التمييز بين المهنيين في طريقة اختيارهم، ويجعل الهيئة برمتها بعيدة عن أن تكون مؤسسة للتنظيم الذاتي، ومخالفة لما ينص عليه الدستور في مادته الـ28 حول الديمقراطية والاستقلالية في تشكيله، والتي تعتبر الانتخابات أسمى تعبير عنها”.

وتابع أن “من شأن هذه “البدعة” الحكومية إذا تم ترسيمها أن تجعل هذه المؤسسة فاقدة  للشرعية والمصداقية وسط المهنيين والمجتمع على السواء”.

وسجل البلاغ ما اعتبره المكتب التنفيذي “فضيحة” متمثلة في تجاوز مبدأ كون كل مقاولة لها صوت، إلى إمكان أن يكون لمقاولة واحدة 20 صوتا بناء على حجمها ورقم معاملاتها، وهذه الاصوات لا يتم الإدلاء بها في انتخابات ، ولكن تحتسب كوزن للتمثيلية، ويتم فرز المنظمة المهنية الأكثر تمثيلية على هذا الأساس، وهي التي تعين الأعضاء السبعة الممثلين للناشرين.

“وكل هذا يجعل القانون مفصلا تفصيلا على مقاس مقاولات ذات رأسمال أكبر، وبالتالي تكريس الاحتكار والهيمنة والتغول والقضاء على التعددية والتنوع…” يضيف البلاغ.

وسجلت الفيدرالية، في بلاغها، ما اعتبرته “اختلالات عديدة” أخرى من قبيل: “التنصيص على الانتخابات المفتوحة للصحافيين دون تحديد الأصناف في المكتوب والسمعي البصري والوكالة مما يهدد بتوازن التمثيلية، وكذا الاحتفاظ برئاسة لجنة المقاولة للناشرين وسحب رئاسة لجنة البطاقة من الصحافيين، واعتبار أعضاء لجنة الإشراف على الانتخابات التي يرأسها قاض تضم ناشرين وصحافيين وهم كانوا معينين من طرف رئيس الحكومة ومن منظمة مهنية واحدة، وإضافة عقوبة جديدة في اختصاصات المجلس وهي توقيف الصحف، والسعي لجعل التحكيم في نزاعات الشغل جبري واصله أنه اتفاقي، وإلغاء مبدأ التداول على رئاسة المجلس بين الصحافيين  والناشرين، والتخلي عن حصر الرئاسة في ولاية واحدة تم رفعها من أربع إلى خمس سنوات”.

وكان مجلس الحكومة صادق، أول الخميس، على مشروعي القانونين المذكورين، وهو ما أثار جدلا حادا مهنيا، وفي أوساط سياسية وحقوقية ومجتمعية واسعة.