قمة جسر إفريقيا بجامعة محمد السادس بابن جرير..130 شابا يبتكرون نماذج جديدة للحكامة لمواجهة التحولات الكبرى

أطلقت جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بابن جرير، ابتداءً من أول أمس الخميس 17 يوليوز الجاري، فعاليات الدورة الثانية لقمة جسر إفريقيا (Bridge Africa Summit).
فعلى مدى ثلاثة أيام، اجتمع 130 من القادة الشباب القادمين من أكثر من 30 دولة إفريقية من أجل ابتكار أشكال جديدة للحكامة، وإعادة التفكير لقيادة اللازمة في نماذج للقيادة قادرة على مواكبة التحولات الكبرى التي تشهدها القارة، سواء تعلق الأمر بالتحديات المناخية، أو الابتكار الاجتماعي، أو التحولات الاقتصادية.
ويركز هذا الحدث، المنظم تحت شعار “قيادة افريقية جديدة”، حول ثلاث محاور أساسية: الانغماس في الديناميكيات المحلية للتحول، الإبداع الجماعي المشترك، والالتزام بالعمل، إذ تهدف قمة “بريدج إفريقيا” إلى أن تكون فضاء تفاعليا وتشاركيا تجسد فيه الأفكار على أرض الواقع.
شباب أفارقة يهندسون التحول
وفي كلمته خلال الجلسة الافتتاحية، ذكر هشام الهبطي، رئيس جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، بالروح التي تحرك هذا الحدث قائلا: “يقال كثيرا إن إفريقيا هي قارة المستقبل. لكن هذا المستقبل لن يأتي من تلقاء نفسه، بل يجب أن يتبنى بشكل واع وجماعي. ولهذا تُنظم قمة بريدج إفريقيا: حتى لا تكون فئة الشباب الإفريقي مشكلة يجب حلها، بل شركاء في الإستراتيجية، ومساهمين في صياغة السياسات، و مهندسين لعملية التحول”.
وأكد أن هذه الحركة ولدت هنا بابن جرير ، مدفوعة بفلسفة مختلفة قائلا: “نحن لا نستورد نماذج جاهزة، بل نبني منظومات متكاملة. بريدج إفريقيا ليس مجرد عنوان، بل فعل: ربط، يربط بين ما كنا عليه وما يجب أن نصبح عليه”.
بعد ذلك، تناول الكلمة خالد بادو، رئيس منتدى بريدج إفريقيا، عارضا المبادئ الخمسة التي تؤطر هذه المبادرة: الإحساس بالانتماء إلى تاريخ مشترك، قيادة قائمة على المسؤولية، تحقيق تأثير مستدام، تعاون عابر للحدود، والأصالة كمنهج عمل.
كما أكد بادو، الذي يشغل منصبي مدير ديوان رئيس الجامعة ومدير الشؤون المؤسساتية بها، أن هذه القيم ليست مجرد زخارف، بل هي جوهر مبادرة بريدج إفريقيا، موضحا أنه، و منذ دورة 2024، مكنت هذه القيم من بروز مبادرات ملموسة من قبيل: تحدي الشباب التكنولوجي في الكاميرون، أكاديمية القيادة في مالي، ومشروع الاقتصاد الدائري في بنين، وإعادة هيكلة شاملة لأنظمة ائتمان الكربون في كينيا، معتبرا بأنها ليست مجرد مبادرات جانبية، بل تمثل بالضبط ما كان يفترض أن تحققه هذه الحركة: مبادرات متجذرة في الواقع، مصممة بعناية، ومتوافقة مع رؤية واضحة.
القيادة ممارسة تشاركية
من جهته، يشدد ليكس بولسون (Lex Paulson),مدير مدرسة “الذكاء الجماعي (l’intelligence Collective)” بجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، على ضرورة الخروج من وهم “القائد المنقذ” والتفكير في القيادة كممارسة تشاركية.
وأوضح قائلا: “التغيير الجذري لا يحدث أبدا بطريقة سحرية. بل يقوم على ثلاثة عناصر أساسية: تحالف بين القادة من داخل الأنظمة وخارجها، وحركة تشاركية تتيح لكل فرد أن يمارس جزءً من القيادة، و لحظة مواتية تتحول فيها مشاعر الإحباط الجماعي إلى طاقة محفزة و دافعة”.
كما أكد على ضرورة توضيح الإستراتيجيات من خلال نظرية للتغيير، من أجل تحديد الأولويات وقياس النتيجة: “لا يمكننا فعل كل شيء، ولا يمكننا شرب المحيط بأكمله. يجب أن نختار التدخلات الأكثر فاعلية، تلك التي تغير قواعد اللعبة”.
وقدم أمدو دياو (Amadou Diaou)، مستشار ورائد أعمال سنغالي، رؤية أكثر شخصية وتاريخية حول ضرورة بناء شبكات وإصلاح أنظمة التعليم، مشيرا إلى أن التعليم قام في ثمانينات القرن الماضي بجمع الخريجين الشباب، والدولة، وأصحاب الأعمال للدفاع عن أساليب تربوية مبتكرة.
لقد ذكرت مسيرته، المتميزة بالتأثير الملموس و الالتزام تجاه مدينته سانت لويس، المشاركين بأن القيادة تقاس، أيضا، بما نتركه وراءنا، وأن “كل تغيير يبدأ بنواة صغيرة من الأشخاص المصممين على العمل”.
حركة متجذرة إفريقيا
أيام القمة الثلاث أتاحت للمشاركين الانخراط في ورش عمل تفاعلية، وزيارات لمراكز البحث والابتكار في الجامعة، فضلا عن جلسات عمل تشاركية حول التحديات الكبرى التي تواجه القارة.
و من المقرر أن تنتهي القمة، اليوم السبت، بحفل التزام جماعي، حيث سيتم الكشف عن نداء “بريدج إفريقيا 2025” الموجه لصناع القرار الأفارقة، بهدف إعادة ممارسات القيادة انطلاقا من الحقائق المعاشة و أخلاقيات المسؤولية المشتركة.
بالنسبة لخالد بادو، تتجاوز هذه المبادرة بكثير فترة ثلاثة أيام في ابن جرير: “بريدج إفريقيا ليست مشروعا منتهيا. إنها منهجية، ومجتمع، وانضباط جماعي. إنها حركة حية، متجذرة في الواقع الإفريقي، وتنمو مع كل من يحملها إلى الأمام”.
المصدر: Le desk