قُبلة تعكر على اسبانيا الفوز بكأس العالم..مصير رئيس اتحاد الكرة بين أيدي المحكمة الإدارية
في غمرة الاحتفال بفوز المنتخب الاسباني للسيدات بكأس العالم، الأحد 20 غشت الجاري، بدا لويس روبياليس، رئيس الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم، متحمسا إلى أبعد الحدود. حمل اللاعبة أثينا ديل كاستيلو (22 سنة) على كتفه، ثم طبع قبلة بقوة على شفتي اللاعبة جيني هيرموسو (33 سنة). القبلة الساخنة عكّرت على منتخب “لاروخا” فوزه بالمونديال لأول مرة في تاريخه.
هل كانت القبلة قسرية؟ هل كانت بالإكراه؟ أم أنها كانت عفوية و متبادلة كما يصرح روبياليس؟
القضية اتخذت بعدا دوليا بعدما قررت الفيفا معاقبة روبياليس، الذي قد تكلفه القبلة منصبه، خاصة وأن الخناق يضيق عليه ويصبح أكثر عزلة، بعد الإدانة الواسعة لـ”تصرفه غير اللائق”، و رفع شكايات في مواجهته أمام المدعي العام، في الوقت الذي تنتظر فيه الحكومة الاسبانية صدور حكم المحكمة الإدارية للرياضة، قبل اتخاذ أي قرار في حقه.
“البهجة24” تسلط الضوء عن هذه القضية من خلال ترجمتها لمقال نشرته، مساء أول أمس السبت، صحيفة “لوموند Le Monde” الفرنسية.
كم من الوقت سيستطيع لويس روبياليس الاستمرار في منصبه؟ السبت 26 غشت الجاري، أعلن الأعضاء الـ6 بالإدارة التقنية للمنتخب الاسباني للسيدات تقديم استقالتهم، بعد قبلته القسرية للاعبة هيرموسو، مما ترك المدرب خورخي فيلدا بدون مساعدين، واضطره للابتعاد عن رئيس الاتحاد.
في بيان منشور بمواقع التواصل الاجتماعي، يؤكد الموقعون، بمن فيهم مساعدة فيلدا مونتسي تومي، أنهم “اتخذوا قرار تقديم استقالتهم إلى الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم”، معبّرين عن “إدانتهم الحازمة والقاطعة لسلوك لويس روبياليس تجاه جينيفر هيرموسو”.
بدوره، وفي بيان لوكالة الأنباء الاسبانية “إيفي EFE”، أدان لويس دي لا فوينتي، مدرب منتخب إسبانيا للذكور، “بدون تحفظ السلوك غير اللائق وغير الملائم” لرئيس اتحاد كرة القدم ، آملا أن “تتخذ الهيئات المختصة القرارات اللازمة في أسرع وقت ممكن”.
و في النهاية، لم يجد مدرب الفريق الإسباني النسائي، خورخي فيلدا، بدا من أن ينأى بنفسه عن رئيس الاتحاد الملكي.”أنا أشعر بالأسف لأن انتصار كرة القدم النسائية قد تم تشويهه بسلوك غير لائق أظهره أعلى مسؤول لدينا حتى الآن، لويس روبياليس، واعترف به بنفسه”، وفقا لبيان نُقل عنه، أول أمس، بواسطة عدة وسائل إعلام إسبانية.
الفيفا توقف روبياليس مؤقتا
قررت الفيفا، التي كانت بدأت بالفعل باتخاذ إجراءات تأديبية ضد روبياليس، توقيفه مؤقتا. “قررنا اليوم توقيف لويس روبياليس مؤقتا عن جميع الأنشطة المتعلقة بكرة القدم على الصعيدين الوطني والدولي”، أعلنت الهيئة القيادية لكرة القدم العالمية في بيان، مضيفة أن الإيقاف سيستمر لمدة تصل إلى تسعين يوما على الأقل، في انتظار تقدّم الإجراءات المفتوحة ضده.
قُبلة رئيس الاتحاد تأتي في سياق ثقيل داخل منتخب إسبانيا. فمنذ أشهر تندد اللاعبات بـ”الأساليب الديكتاتورية” للمدرب خورخي فيلدا، الذي كان يحظى بدعم ثابت من روبياليس، ناهيك عن الاتهامات الموجهة لهذا الأخير بتنظيم حفلات مشبوهة باستخدام أموال اتحاد الكرة، في شتنبر 2022.
الاتحاد يهاجم هيرموسو
لم تكد تمضي سوى ساعات قليلة، حتى رد الاتحاد الملكي واصفا الاتهامات الموجهة ضد رئيسه بـ “الأكاذيب”. وقال في بيان، نُشر ليلة الجمعة ـ السبت، “سيفند الاتحاد الملكي الإسباني لكرة القدم و الرئيس كل كذبة تُنشر بواسطة أي شخص، نيابة عن اللاعبة، أو من لدنها شخصيا”.
هيرموسو: لم أوافق على القبلة
في المقابل، قالت هيرموسو، في بيان صحافي، إنها كانت “ضحية هجوم”. و أوضحت: “لم يحدث في أي لحظة أن وافقت على هذه القبلة. و لم أحاول، بأي حال من الأحوال، الاقتراب من الرئيس. لا أسمح بأن يشكك في كلامي ولن أتسامح أبدا مع ابتداع أقوال لم أصرح بها”.
تصريحات اللاعبة الدولية تتناقض مع دفاع روبياليس. “شعرت بأنني ضعيفة. كنت ضحية لاعتداء وفعل متهور ومتحيز جنسيا. فعل غير لائق وبدون أي موافقة من جانبي” تؤكد هيرموسو في بيانها المنشور على وسائل التواصل الاجتماعي.
زميلاتها في الفريق أعلنّ بأنهن سيرفضن اللعب مجددا للمنتخب تحت إدارة الاتحاد الحالية. “بعد كل ما حدث خلال توزيع ميداليات كأس العالم للسيدات، فإن جميع اللاعبات الموقعات على هذا البيان لن يقمن بتلبية أي استدعاء مستقبلا إذا استمرت القيادة الحالية” أكدت اللاعبات الـ23 بطلات العالم في بيان.
“لا للشوفينية الذكورية”
في إسبانيا يعتبر تقبيل شخص بدون موافقته جريمة يعاقب عليها القانون، و يمكن رفع الملف إلى القضاء. وعد فيكتور فرانكوس، رئيس المجلس الأعلى للرياضة، وهو جهاز حكومي، باتخاذ الإجراءات اللازمة إذا لم يفعّل اتحاد الكرة ذلك، مؤكدا بأنه سيرفع القضية أمام المحكمة الإدارية للرياضة.
المبادرة المذكورة لقيت ترحيبا من طرف إيريني مونتيرو، وزيرة المساواة، التي كتبت على منصة إكس: “لمواجهة إفلات روبياليس من العقاب تتحرك النيابة العامة والمجلس الأعلى للرياضة لحماية اللاعبة، لنقول لا للشوفينية الذكورية، و لضمان حق الحرية الجنسية”.
الكرة في ملعب المحكمة الإدارية للرياضة
في مقابلة مع جريدة “إل باييس”، أعرب وزير الرياضة الإسباني، ميكيل إيسيتا، عن أسفه “لحادثة أوصلتنا لصورة إسبانيا متحيزة للرجال”، في حين أن البلاد غالبا ما تُقدّم كدولة رائدة في مكافحة العنف ضد المرأة. الأمر الآن بين أيدي المحكمة الإدارية للرياضة، مؤكدا بأنه إذا “وافقت المحكمة على شكاية الحكومة، سنقوم فورا بتعليق مهام رئيس الاتحاد”.
عدد كبير من الرياضيين انضموا إلى متبني قضية هيرموسو، مثل لاعبتي كرة القدم، أليكسيا بوتيلاس وأيتانا بونماتي، وأسطورة كرة السلة، باو غاسول، وحارس ريال مدريد السابق، إيكر كاسياس.
وقد اتسعت دائرة الدعم لتصبح دولية، فقد عبّرت عدة لاعبات دوليات لكرة القدم عن مساندتهن لها بمواقع التواصل الاجتماعي، فقد كتبت مثلا ميغان رابينو، لاعبة كرة القدم الأمريكية، على إنستغرام: “إنهم ينكرون ما رأيناه بأعيننا ويعتبرون تصريحاتهم هي الحقيقة”.
أربع شكاوى
أبلغ مكتب المدعي العام الإسباني وكالة الأنباء الفرنسية بأنه تلقى أربع شكايات ضد روبياليس، ولكن بما أن هذه الشكاوى لم تُقدّم من قبل الضحية، فهناك شكوك بشأن قبولها من عدمه.
من جهته، يتجاهل روبياليس كل هذا الجدل الدائر، واصفا منتقديه بـ “الأغبياء”. واعتبر، في تصريح أدلى به لوسائل إعلام، “لقد كانت حركة بدون أي نية سيئة”، و أضاف: “إذا كان هناك أشخاص تأذوا، يجب علي أن أعتذر، لا يوجد ما يمكن فعله غير ذلك”.
و لكن موقف روبياليس لا يزيد إلا تفاقما بظهور صور أخرى، بما في ذلك تلك التي يظهر فيها على المنصة الشرفية للملعب، و هو يمسك بأعضائه التناسلية للاحتفال بفوز الفريق، ليعود و يعتذر عن هذه الحركة.