مراكش..قاضي التحقيق يودع 4 متهمين السجن في قضية احتجاز مرضى عقليين بضيعة في قلعة السراغنة

مراكش..قاضي التحقيق يودع 4 متهمين السجن في قضية احتجاز مرضى عقليين بضيعة في قلعة السراغنة

أخلى سبيل امرأتين وقرر التحقيق معهما في حالة سراح

أصدر قاضي التحقيق باستئنافية مراكش، مساء أمس الأحد 29 دجنبر الجاري، قرارا بإيداع 4 مشتبها فيهم السجن، في قضية احتجاز 19 مريضا نفسيا و عقليا بضيعة فلاحية بإقليم قلعة السراغنة، في إطار التحقيق الإعدادي الجاري في مواجهتهم بناءً على ملتمس من الوكيل العام للملك لدى المحكمة نفسها.

و في إطار ملف التحقيق ذاته، تقرر إخلاء سبيل امرأتين و التحقيق معهما في حالة سراح.

و جاء قرار قاضي التحقيق بعد جلسات الاستنطاق الابتدائي للمشتبه فيهم الستة، التي أيّد، في ختامها، ملتمس النيابة العامة بوضع أربعة منهم تحت الاعتقال الاحتياطي على ذمة التحقيق الإعدادي، و يتعلق الأمر بصاحب الضيعة (58 سنة)، و ابنيه، البالغ أحدهما من العمر 36 سنة و الآخر 32 سنة، و اللذين كانا يساعدانه في إيواء المرضى العقليين و المدمنين على المخدرات بها، و ممرض (57 سنة) بمركز صحي بتطوان كان يقوم بدور التنسيق بين عائلات مرضى من مدن الشمال و صاحب الضيعة من أجل إيوائهم بها.

و قد حرر قاضي التحقيق أمرا كتابيا بإيداعهم سجن “الأوداية”، في انتظار مثولهم أمامه مجدد في إطار جلسات الاستنطاق التفصيلي.

فيما أخلي سبيل زوجة مالك الضيعة الواقعة بدوار “الطواهرة لقصور” بجماعة “الشعرا”، التابعة لدائرة العطاوية، و زوجة ابنه.

و قبل الاستنطاق الابتدائي، أجرى المركز القضائي للدرك الملكي بقلعة السراغنة، تحت إشراف مباشر لقائد المركز، صباح أمس، مسطرة التقديم للمشتبه بهم، في حالة اعتقال، أمام أحد نواب الوكيل العام بمراكش، الذي استمع إليهم قبل أن تقرر النيابة العامة إحالتهم على قاضي التحقيق، ملتمسة منه إجراء تحقيق إعدادي معهم بشأن جنايات متعلقة بـ”الاتجار بالبشر عن طريق التجنيد، واستدراج ونقل واستقبال وإيواء أشخاص يعانون من وضعية صعبة بسبب المرض والنقص البدني والنفسي وتلقي مبالغ مالية بصفة اعتيادية في إطار عصابة اجرامية منظمة مع تعريض الضحايا للتعذيب واستعمال أعمال وحشية لغرض الاستغلال عن طريق العمل الجبري والسخرة، مما تسبب في حدوث مرض عضوي ونفسي عضال للضحايا ووفاة أحدهم، من طرف مجموعة من الأشخاص يحمل أحدهم سلاحا مخبأ “.

و جاءت مسطرة التقديم بعد انتهاء فترة الحراسة النظرية للمشتبه فيهم الموقوفين إثر مداهمة أمنية، في حدود الـ6 و النصف من مساء الخميس 26 دجنبر الحالي، نفذها 14 دركيا ينتمون للمركز القضائي و المركز الترابي لدرك العطاوية، بقيادة ميدانية لقائد سرية الدرك الملكي بقلعة السراغنة، حكيم دويش، و التي أسفرت عن تفكيك محتجز سري يؤوي 16 مريضا نفسيا من أثر الإدمان على المخدرات و الأقراص المهلوسة، بالإضافة إلى 3 مرضى عقليين.

و وفقا لمصادر مطلعة، فقد جاءت المداهمة بعد شكاية توصلت بها مصالح الدرك الملكي بالإقليم، نهاية الأسبوع المنصرم، من لدن والدة أحد النزلاء السابقين بالضيعة، توضح فيها أن ابنها، البالغ من العمر 28 سنة، قضى بها زهاء سنة و نصف، قبل أن يرجعه مالك الضيعة إلى منزل أسرته بإقليم سيدي بنور، و هو مصاب بمرض الربو و يعاني من احتباس الماء في بطنه.

لم تتأخر الضابطة القضائية، فبعد إخبار النيابة العامة المختصة، أُخضعت الضيعة لمراقبة طيلة 5 أيام متواصلة، قبل أن تنفذ المداهمة و يتم العثور على المرضى النفسيين و العقليين، الذين تتراوح بين 25 و 52 سنة، موزعين على 9 غرف بمنزل مقام على ثلاثة طوابق وسط الضيعة.

و حسب المصادر ذاتها، فإن المرضى، المنحدرين من: تطوان، طنجة، الدار البيضاء، مكناس، و مراكش، أمضوا حوالي سنتين في الضيعة ممنوعين من مغادرتها.

و تابعت مصادرنا بأن صاحب الضيعة كان يخصص غرفة لكل نزيلين من المرضى الذين كانوا يفترشون ألحفة أسرّة (Matelas) بدون إطارات حديدية، و يقدم لهم وجبات غذائية مقابل مبالغ تتراوح، بين 1000 و 1500 درهم، تؤديها له عائلاتهم شهريا.

و استنادا إلى المصادر ذاتها، فقد عثر الدرك على بندقية صيد مرخصة في ملكية صاحب الضيعة.

و قد تم إخضاع المرضى المحتجزين لخبرة طبية بمستشفى الأمراض العقلية و النفسية بحي “كدية الجمالة” بمدينة قلعة السراغنة، الذي يؤويهم حاليا.

في غضون ذلك، طالب فرع قلعة السراغنة الجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان بإحداث مركب اجتماعي تحت إشراف أخصائيين نفسيين بجماعة “بويا عمر” بالإقليم نفسه في ظروف تصون كرامتهم و لمحاربة الإيواء السري للمرضى النفسيين.

كما طالبت، في بيان استنكاري، الجهات الصحية بـ”التدخل الفوري لتتبع وضعية المرضى و توفير العلاج المستمر لهم”.

و دعا البيان “الجهات المعنية إلى اتخاذ كافة الإجراءات و اليقظة لوضع حد لمثل هاته الانتهاكات”، محملا “المسؤولية للسلطات المحلية و الأمنية في استمرار مثل هذه الأوضاع المزرية بعد إغلاق مركز بويا عمر”.