هذه تفاصيل قضية المعتصم بعمود كهربائي بمراكش

هذه تفاصيل قضية المعتصم بعمود كهربائي بمراكش

بقلم: إسماعيل ولد الحومة

فوجيء الرأي العام الوطني والمحلي ببهجة الجنوب، باقدام مواطن على امتطاء صهوة عمود كهربائي ذي ضغط مرتفع،  و وتحويله الى معتصم منيع  مع التلويح بركوب قطار التصعيد الغير المحسوب العواقب حال تسجيل أية محاولة لاقتحام معتصمه عليه.

واقعة أثارت الكثير من ردود الأفعال وبات الرأي العام المراكشي يتابعها بغير قليل من ألوان  التعجب والاستغراب المشوبة بالكثير من التعاطف، خاصة بعد أن استطاع المعني قضاء عدة أيام وليالي بمعتصمه بين ثنايا  الألواح الحديدية للعمود الكهربائي, فيما أهل الحل والعقد من سلطات محلية ومصالح أمنية مكتفية بمتابعة الوضع من موقع العاجز عن الأقدام على آية خطوة من شأنها أن تودي إلى ما لا يحمد عقباه.

وإذا كان المواطن المحتج قد ظل يطالب من فوق معتصمه بالعدالة والإنصاف ملخصا قضيته في ظلم  جائر  طوقه وأبناؤه القاصرون  انتهى بحرمانهم  من” قبر حياة” دفعوا ثمنه بالغالي والنفيس ، قبل أن تتلقفهم أيادي  التطاول وتعمل على إلقائهم بعيدا ما يضعهم في مرمى التشرد والضياع، وبالتالي اعتبار الموت أهون من عيش هكذا محنة, ووضع جميع الجهات أمام معادلة الإنصاف  وإرجاع الحق المهضوم، او مصير درامي ينهل من معين التراجيديا الإنسانية.

ولأن ” عيب البحيرة  تفتاشها” كما تؤكد الحكمة الشعبية المراكشية، فقد ارتأت الجريدة البحث والتنقيب لسبر أغوار قضية هذا المواطن المتلفع بعباءة” البطل التراجيدي” ، وإماطة اللثام على مجمل خباياها وأسرارها.

أصل الحكاية انطلق بتاريخ 10/06/2024 ، حين تقدمت مواطنة  بدعوى قضائية عبر محاميها  للمحكمة الابتدائية بمراكش، مختصرة قضيتها  في وقائع مثيرة بطلتها موثقة توجد قيد الاعتقال بالسجن المحلي الأوداية بمراكش.

أكدت المشتكية أنها اتفقت مع مواطن، والذي سيتحول إلى معتصم العمود الكهربائي،  على بيعه العقار المسمى حليم5 ذي الرسم العقاري عدد221271ـ04 المتواجد بالنفوذ الترابي لولاية مراكش وبالضبط  مقاطعة المنارة أسكجور حي المسيرة2 قطعة603 بمقتضى عقد محرر من طرف موثقة.

وتضيف المشتكية أنها لم تتوصل قط بثمن البيع والمبلغ المتفق عليه، ما يجعل الأمر إخلالا صريحا  ويضعها كطرف بائع خارج أي التزام ، وبالتالي التماس  فسخ عقد البيع والذي بقي خارج تغطية توقيع الموثقة ، ما يجعله مجرد ورقة عرفية لا تكتسي طابع الرسمية، حيث أرفقت المشتكية مقالها بشهادة الملكية وصورة العقد العرفي الذي لا يحمل اي توقيع خاص بالموثقة.

انتهت هيئة الحكم بالمحكمة الابتدائية بمراكش إلى إصدار حكمها بتاريخ 09/12/2024  في ملف القضية الذي يحمل رقم 2680/1202ـ2024 ، حيث قضت ببطلان العقد العرفي المحرر من طرف الموثقة مليكة السعداني ، وإرجاع الوضع إلى ما كان عليه، خصوصا بعدما عمد المشتري إلى احتلال العقار مباشرة بعد علمه باعتقال الموثقة، مع سلوكه مسطرة الاستئناف.

واضح إذن ومن خلال كل ما تقدم أن مشكلة معتصم العمود الكهربائي مع الموثقة التي أودعها ثمن اقتناء العقار وكذا واجبات التحفيظ والتسجيل، دون أن تعمل على القيام بواجبها المهني  وأداء الأمانة  كما يقتضيه الأمر، واكتفت بلهف أمواله وأموال العديد من الضحايا بالباطل، ما قادها إلى النزول ضيفة على زنازين السجن المحلي الأوداية، في انتظار إحاطتها بالمتعين من عقوبة.

خلاصة القضية توجز في كون المواطن ضحية الموثقة، والذي قادته فورة الشعور بالظلم و الإحساس بالحكرة إلى ارتقاء  مرتقى العمود الكهربائي واتخاذه معتصما وملاذا، يقع  عبء إنصافه وتعويضه  عما لحقه من أكل أمواله ومدخراته على الجهات المسؤولة، التي رخصت للموثقة بفتح مكتب لتصيد المواطنين البسطاء، قبل أن تعمد إلى تطويقها بسياج التوقيف والاعتقال بعد أن وقعت فأس اختلاساتها على رؤوس زبنائها  وتركتهم عرضة للتشرد والضياع، ولسان حالهم لا يكف عن ترديد الحكمة المأثورة” علاش لبستوه السلهام والعمامة،  حيث عرفتوه قليل الفهامة!!؟”.