هذه هي الأموال المصادرة من البرلماني بنسليمان المدان بغسل الأموال
بعدما آخذته بجنحة “غسل الأموال”، قضت غرفة الجنح الإستئنافية بمحكمة الإستئناف بمراكش، الخميس 30 ماي المنصرم، بسنة واحدة حبسا موقوف التنفيذ و غرامة نافذة قدرها 20 ألف درهم ضد النائب البرلماني يونس بنسليمان، مع الأمر بالمصادرة الكلية للأموال موضوع التحويلات التي تلقاها المتهم، خلال الفترة المحددة في البحث المالي، و العائدات الناتجة عنها دون باقي الممتلكات الأخرى العامة.
و كانت معطيات مثيرة متعلقة بالممتلكات و المعاملات البنكية للبرلماني بنسليمان كشفت عنها الأبحاث الأمنية، التي أجرتها الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش بشأن الشكاية التي كان تقدّم بها عبد الإله طاطوش، الممثل القانوني للجمعية الوطنية للدفاع عن حقوق الإنسان، في مواجهة محمد العربي بلقايد، عمدة مراكش، بين 2015 و 2021، و بنسليمان، نائبه الأول، خلال الفترة الانتدابية نفسها، للاشتباه في تورطهما في “تبديد أموال عامة”، خلال إبرام الجماعة لصفقات تفاوضية استعدادا لمؤتمر “كوب 22”.
مبالغ كبيرة في الحساب تزامنا مع صفقات كوب22
فقد تناول البحث التمهيدي معه المبالغ المالية الكبيرة التي توصل بها في حساباته البنكية، سنة 2016، تزامنا مع الفترة التي أبرمت خلالها الجماعة صفقات “كوب 22″، ليعللها بتلقيه كمحام مجموعة من الودائع المتعلقة بملفات نزع الملكية لزبنائه، بالإضافة إلى توصله بمبلغ 650 مليون سنتيم من طرف كتابة الضبط باستئنافية مراكش في إطار ملف يتعلق بشيك بدون مؤونة لفائدة إحدى زبوناته. كما صرّح أنه توصل بأكثر من 200 مليون سنتيم بواسطة شيكات من حساب هيئة المحامين في إطار ملفات تنفيذية، و أبرم صفقة مع شركة لإنتاج و بيع البطيخ بأكثر من 110 مليون سنتيم.
و بخصوص المبالغ المالية التي توصل بها في حسابه الشخصي عن طريق شيكات بنكية، و التي وصلت إلى 34.437.947 درهما (أكثر من 3 ملايير و400 مليون سنتيم)، بين 2015 و 2018، أجاب بأنها تتعلق بأتعابه كمحام أو ودائع توصل بها في إطار ملفات نزع الملكية أو ملفات أخرى مختلفة من حساب الودائع بهيئة المحامين بمراكش أو حسابات الزبائن، أو من الشركات التي يعد الشريك الوحيد فيها، أو من نشاطه الفلاحي.
و فيما يتعلق بالمبالغ التي أودعها هو شخصيا في حسابه الشخصي، و التي وصلت إلى 8288379 درهما (أكثر من 820 مليون سنتيم) بين 2015 و 2019، أجاب بأنها إما مداخيل مهنية أو فلاحية، كما أفاد بأنه كان يقوم في معظم الأحيان بسحب مبالغ من حساباته البنكية و يعيد إيداعها في حسابات أخرى لتغطية قيمة شيكات مختلفة.
أما بخصوص المبالغ المالية المهمة التي توصل بها 4 أشخاص من حساباته، و البالغة 9136000 درهم (أكثر من 910 مليون سنتيم)، فقد صرّح بأنه لم يعد يتذكر تفاصيل و بيانات المعاملات التجارية التي أجراها معهم.
مقاولة شريك البرلماني تفوز بـ6 صفقات
و قد تناول التحقيق الأمني معه إسناد اللجنة التي ترأسها الحصة الكبيرة كمّا و قيمة مالية من الصفقات التفاوضية لشركة يعتبر مالكها مساهما معه في شركتين أخريين، و هي الشركة التي أبرمت معها اللجنة 6 صفقات، من أصل 46 صفقة.
كما بيّنت التحريات الأمنية بأن بنسليمان حوّل مبلغين، مجموعهما 80 مليون سنتيم، بتاريخ 24 فبراير 2015، لمالك الشركة المذكورة، ليجيب بأن المبلغين كانا في إطار تعامل يخص نشاطه الفلاحي، دون أن يدلي بما يفيد هذا التعامل.
و أوضح بأن مهمته كانت مقتصرة على رئاسة اللجنة فيما تتولى المصالح الجماعية التقنية مهام الإشراف، مضيفا بأن الشركة المذكورة نالت فقط صفقات، بقيمة مليار و 600 مليون سنتيم، من أصل القيمة الإجمالية للصفقات البالغة حوالي 23 مليار سنتيم، و تابع بأنه ليس من حقه من الناحية القانونية رفض عرض أي شركة بعلة أنه تربطه علاقة شراكة أو صداقة مع أحد مسيريها.
24 شركة و14 حسابا بنكيا
و قد بيّن البحث الأمني بأن بنسليمان، الذي كان منتسبا لحزب العدالة و التنمية قبل أن يغادره عشية الانتخابات الأخيرة لحزب التجمع الوطني للأحرار، يعتبر مالكا أو مساهما في مجموعة كبيرة من الشركات، يصل عددها إلى 24 شركة صناعية و تجارية و في المجال الفلاحي و السقي بالتنقيط، بينها 7 مالكة لمطاعم و مقاهٍ بمراكش.
كما أكدت رسالة جوابية لبنك المغرب أنه يتوفر على 14 حساب بنكي، في الوقت الذي صرّح فيه للضابطة القضائية بأنه يتوفر على 6 حسابات بنكية شخصية و آخر مشترك مع زوجته، كما يتوفر على منقولات عبارة عن سيارات و جرار فلاحي و دراجتين ناريتين.
و قد تم استفساره عن المصادر المالية التي مكنته من امتلاك أو الدخول كشريك في الشركات المذكورة، فصرّح بأنها من مداخيله المهنية بفضل نجاحه في مهنة المحاماة، التي بدأ ممارستها، منذ 2003، فضلا عما كان يجنيه من أنشطته الفلاحية، و القروض البنكية التي يستفيد منها، موضحا بأنه استفاد من قرض بقيمة مليار سنتيم من القرض الفلاحي تحت ضمانته الشخصية و بضمانة المنتجات الفلاحية إلى جانب رهن عقاري من الدرجة الأولى، متمثل في ضيعة فلاحية قال إنه حصل عليها كهبة من والده.
و أضاف بأن شركاته تحقق أرقام معاملات مختلفة، دون أن يحدد حجم و رقم معاملاتها، مشيرا إلى أن بعض شركاته لا تمارس أي نشطا تجاري (8 شركات)، و أنه بصدد تجميع هذه الشركات في إطار هولدينغ لتسهيل عملياتها المحاسباتية المتداخلة.
ضيعتان و3 فيلات
و بخصوص ممتلكاته، صرّح بنسليمان (50 سنة) بأنه يملك أرضا فلاحية بالرحامنة، مساحتها 17 هكتارا، اقتناها، سنة 2008، من مداخليه كمحام و من نشاطه الفلاحي، و ضيعة فلاحية، مساحتها 20 هكتارا، قال إنها هبة من والده، و فيلتين بمراكش، واحدة صرّح بأنه اقتنى بقعتها الأرضية و بناها، سنة 2009، عن طريق قرض بنكي بـ550 مليون سنتيم، و أخرى أفاد بأنه اقتناها بدورها بقرض بنكي بـ500 مليون سنتيم، و فيلا بمدينة إفران يملكها مناصفة مع شخص آخر قال إنه أدى ثمنها، البالغ 100 مليون سنتيم، عن طريق دفعات من مداخليه كمحام، و شقة بحي “جليز” اقتناها، سنة 2003، بـ36 مليون سنتيم.
محاكمة وتحقيق
حُكمُ غرفة الجنح الاستئنافية، الذي برّأ العمدة و أدان نائبه، لم ينه القضية، فمازالت غرفة الجنايات الابتدائية المختصة في جرائم الأموال بالمحكمة نفسها تنظر في الملف الأصلي، الذي يتابع فيه بنسليمان و بلقايد، في حالة سراح، بجناية “تبديد أموال عامة و المشاركة في ذلك”.
كما اتخذ في حقهما، مؤخرا، قاضي التحقيق بغرفة جرائم الأموال بالاستئنافية ذاتها، إجراءات المراقبة القضائية بسحب جوازي سفرهما و منعهما من مغادرة التراب الوطني إلى جانب مشتبه فيهم آخرين، في إطار التحقيق الإعدادي الجاري في مواجهتهم على خلفية قضية تفويت أراضٍ مملوكة للدولة لفائدة خواص.