15 شهرا حبسا نافذا لـ3 متهمين بترويج المهيجات الجنسية المهربة “فياغرا صاروخ” بمراكش
عبد الرحمان البصري
ترويج “الفياغرا صاروخ” يقود 3 شبان للسجن بمراكش. قُضي ضدهم ابتدائيا، الأربعاء 18 غشت الجاري، بأحكام بلغ مجموع مددها 15 شهرا حبسا نافذا، بعدما حجزت لديهم الشرطة 1800 قرص مهيج جنسيا، وتابعتهم النيابة العامة بصك اتهام ثقيل يتعلق ببيع أقراص مهرّبة غير صالحة للاستهلاك وتشكل خطرا على الصحة العامة.
“البهجة24″ تعيد تركيب قصة هذه القضية، مستندة إلى المعطيات التي كشف عنها البحث الأمني الذي أنجزته الفرقة الخامسة المكلفة بالقضايا الجنائية، التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بمراكش.
إعلان مهيّج على الفايس
إعلان تجاري لبيع أقراص مهيجة جنسيا على الفايسبوك يستنفر الشرطة. المنصة التجارية MARQUET PLUS عرضت صورا لأقراص مثلثة الشكل. حمراء اللون. تحمل العلامة التجارية – 100 SUPERGRA، المعروفة بـ”الفياغرا صاروخ”.
الإعلان كان يعرض رقما هاتفيا بتطبيق الواتساب خاصا بصاحب الحساب، ويتحدث عن ثمنها الزهيد مقارنة مع الأنواع الأخرى التي تباع في الصيدليات، و مفعولها الخارق وإثارتها القوية للرغبة الجنسية.
لم يتأخر رد فعل الفرقة الخامسة. ففي إطار اليقظة المعلوماتية رصدت الإعلان وفتحت بحثا قضائيا تمهيديا.
الكمين
بعد زوال الأحد 30 يوليوز الماضي، تواصل أحد أعضاء الفرقة مع صاحب الإعلان. لم يتقمص دور طالب فحولة يسعى إلى اقتناء علبة أو علبتين من المقويات الجنسية، بل قدّم له نفسه على أنه مروّج يعتزم اقتناء كمية كبيرة من الدواء الأعجوبة لإعادة تصريفها.
فاوضه بذكاء حتى يتم الاستدراج بنجاح. الطلبية كانت مغرية. 80 علبة كل واحدة منها بـ40 درهما و تحوي 8 أقراص. ثم تحركت الفرقة المكونة من 5 عناصر إلى “باب الخميس”.هناك انتهى الكمين الأمني بتوقيف صاحب الإعلان.
بعد بحث أولي مع أول الموقوفين، “ع.ع” (25 سنة)، أكد بأنه كان ينوي تزويد الزبون المزعوم بالأقراص التي يقتنيها من شخص يسيّر محلبة بالوحدة الرابعة في حي “الدواديات”. طالبته الشرطة بربط الاتصال معه، ليحدد معه لقاءً قرب المحلبة، على أساس أن يتصل بأحد مساعديه لتزويده بالكمية المطلوبة.
حجز 1800 قرص
انتقلت الشرطة بمعية الشخص الموقوف إلى مكان لقائه بمساعد المزود الرئيس. فرضت الفرقة حراسة سرية على المكان. ثم أوقفت المساعد وبحوزته علبة كرتونية كانت تحوي 80 علبة أي ما مجموعه 640 قرصا.
وعند سؤال المساعد “ر.ب”(24 سنة) عن مكان تواجد مشغله، أجاب بأنه بالدار البيضاء، قبل أن يفاجئ المحققين بأنه يحتفظ بكمية إضافية بغرفته الواقعة بمنزل فوق المحلبة التي يعمل بها، ليُجرى بها تفتيش ويتم حجز كمية جديدة من الأقراص المهيجة من النوع نفسه، يبلغ عددها 1160 قرصا، لتُحال الكميات المحجوزة على إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة.
أجرت الفرقة تفتيشا بالغرفة التي يقيم فيها الموقوف الأول غير أن العملية لم تسفر عن أي نتيجة، قبل أن يتقرر وضعهما تحت الحراسة النظرية، فيما تواصلت التحريات لتوقيف المزود الرئيس، وهي العملية التي تمت في اليوم الموالي.
وفي إطار البحث الأولي معه اعترف “ع.ب” (30 سنة) بأن الكمية المحجوزة من الأقراص تخصه، وأنه هو من طلب من ابن عمه تزويد الموقوف الأول بـ640 قرصا، ليتم إجراء تفتيش غرفته بالمنزل الذي يقطنه فوق محلبته، غير أنه لم يتم العثور على أي أقراص.
إفادة حاسمة
في مستهل البحث، استُدعيت ممثلة نقابة صيادلة مراكش للاستماع إلى إفادتها وتحديد مطلب الهيئة التي تمثلها بشأن الموضوع. الإفادة كانت حاسمة في مجريات البحث الأمني، فقد أكدت بأنه لا يمكن عرض الأقراص المذكورة للبيع إلا عن طريق وصفة صادرة عن طبيب.
وتابعت بأنه لا يمكن بيعها إلا في صيدلية وبترخيص من وزارة الصحة، وبناءً على شروط خاصة في حفظها وتسويقها لما لها من آثار خطيرة على صحة وسلامة الأشخاص، مضيفة بأنه لا يمكن تسيلمها إلا وفق استشارات طبية، وتستوجب إجراء فحوصات قبل تناولها، حتى لا تنتج عن ذلك مضاعفات قد تؤدي أحيانا إلى الموت.
و شددت على أن المقتضيات السابقة منصوص عليها في مدونة الدواء والصيدلة (القانون 17.04), خالصة إلى أن نقابتها ومجلس هيئة صيادلة الجنوب سيتنصّبان طرفا في مواجهة المشتبه فيهم.
من خياط إلى بائع أقراص فحولة
صرّح الموقوف الأول بأنه ينحدر من ضواحي سيدي بنور، وترعرع بسلا، لينتقل إلى مراكش، قبل 4 سنوات، و يشتغل خياطا بشركة في حي “برّيمة”، قبل أن يتعرف عليه صاحب المحلبة، في يونيو الفارط، ويعرض عليه بأن يشاركه في تصريف الأقراص المهيجة.
و علّل موافقته على العرض بحاجته للمال، موضحا بأنه سلمه، في العملية الأولى، 6 علب على أساس ترويجها كتجربة، إذ قام ببيعها بـ40 درهما للعلبة بعدما اشتراها منه بـ20 درهما. وتابع بأنه وأمام هامش الربح الكبير، قام بوضع الإعلان التجاري على الفايسبوك.
مساعد عطار
الموقوف الثاني صرّح بأنه كان يعمل مساعدا لعطار بمسقط رأسه في طاطا، ثم انتقل لمراكش في 2019، وعمل تاجرا في محلبة قريبه مقابل 3000 درهم شهريا، معترفا بأنه كان على علم بأن ابن عمه يتعاطى ترويج الأقراص المهيجة جنسيا، وهو الذي كلفه بتسليم الموقوف الأول 640 قرصا، ومشيرا إلى أن هذا الأخير كان يساعد ابن عمه في ترويج الأقراص، موضحا بأنهما كانا يلتقيان بمحل إقامته، وسبق له أن رأى قريبه يسلمه علب أقراص.
جندي سابق
الموقوف الثالث صرّح تمهيديا بأن مساره الدراسي توقف عند مستوى التاسعة إعدادي بمسقط رأسه في طاطا، ثم انخرط في الجندية لمدة ثلاث سنوات بإقليم تادلة، قبل أن ينتقل لمراكش التي يعمل فيها بمحله المعد لبيع العصير، منذ 2015، وتابع بأن الموقوف الأول كان يتردد على محلبته، و أنه هو من اقترح عليه مشاركته في بيع الأقراص، وسبق له أن باعه 6 علب.
وعن سؤال حول مزوده بالأقراص، أجاب بأنه يجهل اسمه، لافتا إلى أنه سبق له، منذ شهر، أن تقدّم إليه بعرض بمحلبته من أجل أن يقتني منه 1900 قرص بـ1500 درهم، وهو ما وافق عليه، مصرحا بأنه سبق وأن زوده برقمه الهاتفي، غير أنه أعاد الاتصال به بعد يومين من رقم آخر قال إنه لم يعد يتذكره، وأشار إلى أن مزوده في العقد الرابع، ينحدر من ضواحي مراكش، و يتردد على حي “الملاّح”، مدليا للشرطة بأوصافه.
قرائن وأدلة
استنجت الضابطة القضائية بأن الأشخاص الموقوفين تورطوا في قضية عرض و ترويج أدوية غير مرخص بها، في ظروف من شأنها تعريض السلامة الجسدية للأشخاص للخطر، وذلك استنادا إلى القرائن والأدلة التي أنتجها البحث التمهيدي.
ومن بينها التفتيش الذي أسفر عن حجز كمية إضافية من أقراص التهييج الجنسي المهربة والمضرة بالصحة، إفادة ممثلة هيئة الصيادلة التي أكدت بأن إقدام الموقوفين على ترويجها يجعل حياة مستهلكيها في خطر، لأن استعمال الأقراص المذكورة بدون وصفة طبية من لدن شخص يعاني من قصور كلوي وأمراض القلب والشرايين يعجّل بوفاته، فضلا عن الاعترافات الصريحة والتلقائية للمشتبه فيهم بتعاطيهم لهذه التجارة بطريقة غير مشروعة للحصول على هامش ربح كبير.
التقديم
أجرت الشرطة، الأربعاء 2 غشت الحالي، مسطرة التقديم أمام وكيل الملك للمشتبه فيهم الثلاثة، في حالة اعتقال، فتقرّر متابعتهم بصك اتهام يتعلق بـ” بيع مواد صيدلية بدون ترخيص، المساعدة على مزاولة الصيدلة بصفة غير قانونية، المشاركة في بيع أدوية غير صالحة للاستهلاك وتشكل خطرا على الصحة العامة، حيازة بضاعة خاضعة للرسوم والضرائب بصفة غير مبررة، انتحال صفة نظمها القانون، و ممارسة مهنة الصيدلة بصفة غير قانونية” كل حسب المنسوب إليه، لتتم إحالتهم، خلال اليوم نفسه، على المحاكمة.
إدانة
تأخرت الجلسة الأولى لأسبوع استجابة لملتمس بإعداد الدفاع تقدم به محامي أحد المتهمين، وللسبب نفسه تأجلت الثانية لجلسة أول أمس الأربعاء، التي اعتبرت خلالها المحكمة القضية جاهزة، ليرافع ممثل الحق العام و دفاع المتهمين، قبل أن تعلن الغرفة الجنحية التلبسية التأديبية، برئاسة القاضي عثمان النفاوي، عن حجز الملف للمداولة لآخر الجلسة، في حدود الـ8 مساءً.
لتعود الهيئة، بعد حوالي ساعة، وتنطق بالحكم الذي قضى، في الدعوى العمومية، بـ6 أشهر حبسا نافذا ضد المزود الرئيس”ع.ب”، وبالعقوبة الحبسية نفسها ضد شريكه “ع.ع”، الموقوف أولا، وغرامة نافذة قدرها 5000 درهم لكل واحد منهما، فيما حُكم بثلاثة أشهر حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها 5000 درهم على”ر.ب”، ابن عم ومساعد المزود الرئيس، وإتلاف المحجوز.
أما في الدعوى المدنية التابعة، فقد قضت في مطالب إدارة الجمارك بأداء المتهمين الثلاثة غرامة نافذة تضامنا قدرها 153.000 درهما (أكثر من 15 مليون سنتيم)، وأداء المزود وابن عمه تضامنا غرامة نافذة قدرها 278.400 درهم ( أكثر من 27 مليون سنتيم) ورفض باقي الطلبات.