تقرير مجلس الحسابات حول شركة “ألزا” بمراكش: حافلات قديمة و متهالكة وسائقون بدون خبرة كافية..72 حافلة يتجاوز عمرها 10 سنوات و58% من السائقين لديهم أقل من 5 سنوات من الخبرة
عبد الرحمان البصري
الحرائق التي اندلعت، مؤخرا، ببعض الحافلات بمراكش والأعطاب التي تصيبها وهي تنقل الركاب، أعادت إلى الواجهة الوضعية الصادمة لقطاع النقل الحضري بالمدنية، الذي تتولاه “مجموعة ألزا للنقل” الاسبانية، والتي سبق لمهمة رقابية قام بها المجلس الجهوي للحسابات للشركة المذكورة، أن كشفت عن إخلالها بتعهداتها بشراء حافلات جديدة رغم استفادتها من دعم عمومي، وخرقها الالتزامات المتعلقة بسلامة المسافرين…
“البهجة24” تعيد عرض أبرز مضامين المهمة الرقابية بشأن النقل العمومي الحضري وشبه الحضري لعمالة مراكش ـ مجموعة “ألزا”، الواردة ضمن الجزء الثاني من التقرير السنوى للمجلس الأعلى للحسابات، برسم 2016ـ2017.
“ألزا” تتنصل من التزامها بشراء 81 حافلة جديدة
تمكنت الشركة من تمديد عقد الامتياز لمدة 5 سنوات (من تاريخ انتهاء مدة العقد الأصلي في فاتح يوليوز 2014 إلى 30 يونيو من 2019)، بناءً على طلب وجّهه مدير الشركة إلى عمدة المدينة، فاطمة الزهراء المنصوري، بتاريخ 10 ماي 2010، التزم فيه بتجديد أسطول النقل، من خلال شراء 81 حافلة جديدة.
أحالت العمدة الطلب على المجلس، الذي صادق بالإجماع، خلال دورته العادية المنعقدة في أكتوبر من السنة نفسها، على تمديد العقد مقابل مقتضيات غير واضحة، وهي “تعزيز وتجديد أسطول الحافلات”، دون إعطاء تفاصيل عن عدد الحافلات التي يجب تجديدها سنويا، قبل أن تتنصل الشركة من التزاماتها، وتكتفي باقتناء 30 حافلة طيلة 4 سنوات، بين 2012 و2015.
و إذا كان عمر الحافلة مؤشرا مهما لقياس جودة خدمة النقل، فالأمر مختلف تماما عند “ألزا”، التي بلغ متوسط عمر حافلاتها 11 سنة، حتى نهاية ماي 2016، مما يدل على “قدم وتهالك الحافلات” يؤكد التقرير، الذي أوضح بأن 72 حافلة، من أصل 125، يتجاوز عمرها 10 سنوات، فيما لا يتعدى عدد الحافلات التي يقل عمرها عن أربع سنوات 24 حافلة.
شركة لا تحترم معايير الجودة..حافلات قديمة ومتهالكة
على إثر معاينة ميدانية أجراها قضاة المجلس لـ 15 حافلة، تبين بأن الشركة لا تحترم معايير جودة خدمة النقل في بعض الحافلات، التي قال التقرير إنها “لا تلائم حاجيات الأشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة، وتفتقد لصناديق الإسعاف الأولية، وتتجاوز طاقتها الاستيعابية، مما يتسبب في تأخيرات توقيت الوقوف”.
و من خلال تحليل معطيات تطور أسطول الشركة، سجل المجلس انخفاضا وعدم كفاية الاستثمارات المتعلقة بتجديد الحافلات، موضحا بأن المعدل بلغ بالكاد أقل من حافلة واحدة في السنة بين 2010 و2013.
مصاريف صيانة وإصلاح الحافلات ليست أفضل حالا، إذ تعادل في المتوسط شراء 16 حافلة سنويا، فقد أبرمت “ألزا للنقل” عقدا مع شركة من فروع الشركة الأم باسبانيا تتولى بموجبه عمليات الصيانة وإصلاح الحافلات وتؤدي لها المستحقات شهريا، وقد بلغت هذه المصاريف خلال ست سنوات، بين 2010 و2015، 135.930.883 درهم (أكثر من 13 مليار و590 مليون سنتيم)، وهو ما يعادل شراء 99 حافلة، على اعتبار بأن متوسط ثمن شراء حافلة واحدة، خلال الفترة نفسها، يصل إلى 135 مليون سنتيم.
شركة لا تحترم معايير السلامة..سائقون بدون خبرة
و استنادا إلى التقرير، فقد خرقت الشركة، أيضا، الالتزامات المتعلقة بسلامة المسافرين الواردة في المادة 13 من دفتر التحملات، والتي تشدد على أن السائقين يجب أن تتوفر فيهم خبرة مهنية في مجال النقل لا تقل عن 5 سنوات، فيما كشف افتحاص لسيرهم الذاتية بأن 58% منهم لديهم أقل من 5 سنوات من الخبرة، بل إن 73% من هؤلاء لديهم فقط سنة واحدة أو أقل من الخبرة، كما أن معدل عمر السائقين لا يتجاوز 23 سنة.
شركة أجنبية تستفيد من المال العام
في الوقت الذي تتقاعس فيه عن اقتناء حافلات جديدة وتُبرم عقدا للصيانة مع فرع لشركتها الأم بالملايير سنويا، أكد التقرير بأن الشركة الإسبانية استفادت من المال العام، من خلال منح بلغ مجموعها 24349820 درهم (أكثر من ملياري و340 مليون سنتيم)،خلال 4 سنوات، تسلمتها من وزارة الداخلية، في بداية كل سنة دراسية، في إطار دعمها لصندوق إصلاح النقل الحضري.
و إذا كانت الشركة التزمت بتوظيف المنح في اقتناء حافلات جديدة، إلا أنها لم ترسل للسلطات المحلية الإحصائيات الشهرية المتعلقة بعدد التذاكر المخفّضة و البطاقات المباعة، خارقة بذلك مقتضيات المادة 5 من الاتفاقية، كما أحدثت تغييرات على مستوى تركيبة رأسمالها دون موافقة مسبقة من الجهة المانحة للامتياز.
النقل شبه الحضري..عدم كفاية الاستثمار وعدم تطبيق الأسعار
أعطاب أخرى عرّتها المراقبة الثانية من نوعها للشركة، بعد الأولى في 2008، فقد أكدت بخصوص النقل شبه الحضري بأنه يعاني من اختلالات، من قبيل عدم كفاية الاستثمارات المتعلقة بتجديد الحافلات، عدم تطبيق الأسعار المنصوص عليها في المراجعات، غياب دفاتر التحملات في بعض الأقاليم (الحوز نموذجا)، والتناقض بين دفاتر التحملات والاتفاقيات الخاصة بعقود الامتياز.