هكذا عللت غرفة المشورة بمراكش حكمها بإلغاء قرار توزيع المحامين لقضايا نزع الملكية
اعتبرت القرار مسّا واضحا بالأعمدة المؤسسة لمهنة المحاماة و بعلاقة المحامي بموكله
قالت إن التذرع بـ”محاربة السمسرة و الفساد و احتكار الملفات سيكون بمثابة الدواء الذي قد يعالج المرض، لكن يقينا سيقتل المريض”
بحكمها ببطلان مقرر توزيع قضايا نزع الملكية و الاعتداء المادي، زوال أمس الأربعاء 27 مارس الجاري، حسمت غرفة المشورة باستئنافية مراكش في المنازعة القضائية بين الوكيل العام، الأستاذ خالد الكردودي، بوصفه طاعنا، و مجلس هيئة المحامين بمراكش، في شخص نقيبها، مولاي سليمان العمراني، بصفته طرفا مطلوبا في الطعن، و الذي ناب عنه النقيب الممارس المذكور و النقباء السابقون: محمد بلهاشمي، إدريس أبو الفضل، و محمد الحاميدي، بالإضافة إلى 14 محاميا و شركة للمحاماة.
و استنادا إلى القرار رقم 105، الصادر عن الغرفة، فإن القضية أدرجت القضية بآخر جلسة، بتاريخ 13 مارس الحالي، و استُهلت بمرافعة للوكيل العام أوضح فيها بأن مجلس الهيئة أنزل نفسه منزلة المشرع، و أن من شأن القرار المطعون فيه أن يؤثر على الجانب الحر لمهنة المحاماة، و أن المتقاضي سيفاجأ في المحكمة بمحام غير الذي التجأ إليه بمكتبه.
في المقابل، رافع النقيب العمراني معتبرا بأن الوكيل العام اكتفى بالجانب القانوني، في حين قال إن مجلس الهيئة قارب الموضوع من زاويا قانونية و اجتماعية و مهنية لتحقيق المساواة و محاربة الفساد، متسائلا عن الضرر الذي لحق بالوكيل العام من القرار حتى يطعن فيه؟
و التمس عدم قبول الطعن لانعدام المصلحة، مبيّنا بأن القرار تنعدم فيه مصلحة النيابة العامة، و بأنه “ليس من صلاحياتها الدفاع عن مصالح فئة معينة محسوبة على رؤوس الأصابع تريد احتكار ملفات بعينها”،و مضيفا بأن مقرر الهيئة نظم العلاقة بين المحامين و موكليهم بما يضمن تجنب السمسرة و الاحتكار.
و تابع بأن مقرر الهيئة “يعد استمرارا لقرارات سابقة في الاتجاه نفسه لم تكن موضوع أي طعن”، و هو ما اعتبره سببا “يسقط حقها في الطعن في القرار الجديد مادام أنه حافظ على النهج ذاته للقرارات السابقة”. و تساءل عن المستجد الذي خوّل النيابة العامة الصفة و المصلحة في الطعن الأخير؟
النقيب بلهاشمي التمس تأييد القرار، مذكّرا بأن المحاماة مهنة مستقلة، مضيفا أن الاعتقاد بأن هناك جهة وصية عليها خاطئ.
من جهته، قال النقيب أبو الفضل: “إن المقرر جاء لإعطاء المحامين الشباب فرصة مسك القضايا”.
و في تعليلها لحكمها، اعتبرت الغرفة، في تفيندها للدفع بانعدام المصلحة، بأن المادة 92 من القانون المنظم للمحاماة أوكلت للوكيل العام صلاحية ممارسة الرقابة و تقييم ما إذا كانت مداولات أو مقررات الجمعية العامة أو مجلس الهيئة خارج نطاق اختصاصاتهما أو مخالفة للقانون أو من شأنها أن تخل بالنظام العام، و له حق التماس بطلانها.
و بخصوص الدفع بسبقية البت و تحصن القرار من الطعن، فقد أكدت بأن المشرع أعطى الوكيل العام صلاحية تقديم ملتمس البطلان دون أن يقيدها بأي شرط أو أجل.
أما في الموضوع، فقد اعتبرت الغرفة بأن صلاحية مجلس هيئة المحامين في اتخاذ القرارات المنظمة للمهنة ليست مطلقة، مؤكدة بأن القرار “مسّ بشكل واضح بالأعمدة المؤسسة لمهنة المحاماة و بعلاقة المحامي بموكله، و التي تتلخص في حرية التعاقد و توافق إرادتي المتعاقدين، و هو ما يؤثر بشكل سلبي على حرية التنافس داخل المهنة”.
و تابعت بأن “إلزام متقاض محدد بمحام معيّن سيؤدي، لا محالة، إلى إخراج المحاماة من دائرة المهنة الحرة المستقلة و سيُفقدها كنهها”، لافتة إلى أن التذرع في اتخاذ القرار بـ”محاربة السمسرة و الفساد و احتكار الملفات سيكون بمثابة الدواء الذي قد يعالج المرض، لكن يقينا سيقتل المريض”.
و تكونت غرفة المشورة من المستشار رشيد مليح، رئيسا، و ربيع بوسهمين، مستشارا مقررا، و من المستشارين: محمد الأمين الجابري، و بدر الإدريسي فهمي، و رشيد قافو.
و حضر القاضي عبد العالي صابر، ممثلا للنيابة العامة، و سهام مرشاد، كاتبة للضبط.
غرفة المشورة تبت في ملف توزيع المحامين لقضايا نزع الملكية البهجة24