مراكش..ندوة حول الفنان الراحل محمد شهرمان مبدع “لعيون عينيا”

مراكش..ندوة حول الفنان الراحل محمد شهرمان مبدع “لعيون عينيا”

مبدع “لعيون عينيا” و “لكلام لمرصع” لم يحظ بالتكريم الرسمي الذي كان يجب أن يحظى به فنان في مثل قامته

بعد 11 سنة على وفاته، تُنظم ندوة حول الكاتب المسرحي و الزجال المراكشي الراحل، محمد شهرمان، ابتداءً من الـ5 من مساء بعد غد السبت 11 ماي الجاري، بدار الثقافة “الداوديات” بمراكش، بمبادرة من جمعية الإنماء للتنمية الثقافية و التربوية و الاجتماعية، و بتنسيق مع جمعية ملاك ثقافة إبداع و أكاديمية ملاك الدولية و جمعية نجمة الأطلس للتنمية المستدامة و فرقة مسرح جوكاندا.

يقول عنه عمر جاري، في بورتريه نشرته مجلة “زمان”، أمس الأربعاء 8 ماي الحالي، بعنوان “محمد شهرمان..مرصع الكلام”، “لم يستطع أن يقاوم غواية المسرح، حين انخرط في شبيبة حزب الاستقلال بحومة سيدي بن سليمان الجزولي العتيقة، حيث رأى النور في عام 1948. بدأ الفتى النحيل، بالموازاة مع دراسته الابتدائية، في مساعدة مصممي الديكور، قبل أن يشارك بدور ثانوي في مسرحية “جمال بلادي”، التي أخرجها القيادي الاستقلالي و الوزير الراحل محمد الوفا. و سرعان ما تمكّن شيطان الإبداع من أن يسكن روحه…”.

“ظل طيلة حياته الكاتب المسرحي و الزجال و مبدع الحوارات الدرامية و الحروفي (الخطاط) و كاتب كلمات أغاني المجموعات التي أبهرت جيلا بكامله، و طبعت مسار الأغنية المغربية الجديدة لثلاثة عقود. و قد شكّل العقدان السبعيني و الثمانيني مرحلة توهج الإبداع الدرامي و الشعري في حياة شهرمان” يقول الباحث و الناقد المسرحي، عبد الواحد ابن ياسر، في حديث مع المجلة.

كتب شهرمان للمسرح: “الضفادع الكحلا”، التي نال عنها الجائزة الوطنية للمسرح عن أحسن نص مسرحي سنة 1972، و “التكعكيعة” و”نكسة أرقام”  و “الرهوط” و “الأقزام فالشبكة” و “فلتان” و “بابا عقربة” و “عمي مشقاف” و “سين و جيم” و “القنبولة” و “الجهاد الأكبر” و  “سوق الرشوق”، و  من إبداعاته التلفزيونية الخالدة مسرحيات: “خدوج” و “السي مشوار” و “فروج و فروجة”.

و في مجال الأغنية، كتب شهرمان لجيل جيلالة الأغنية الوطنية الخالدة “لعيون عينيا”، سنة 1975، و “لكلام لمرصع”، سنة 1972، و “دارت بنا الدورة”، سنة 1976، كما تغنت بأشعاره مجموعة لرصاد، و قبلهما كتب لمجموعة “نواس الحمراء”.

كما كتب كلمات أغنيتي “خمس نجوم” و “يا صانع مجد الأجيال” للفنان البشير عبدو ، و “عشقي فيك يا بلادي” للفنان محمد علي.

أطلق عليه الكاتب محمد تكناوي لقب سلطان الزجل المغربي، موضحا: “شهرمان هو سيد الزجالين بامتياز بلكنته المراكشية الأصيلة و بلغته الموزونة الجميلة التي كانت تتدفق من ثنايا فمه عذبة رقراقة. كان عاشقا للعبارة الجميلة، كلامه منظوم شعرا و حديثه موزون، لا يتحدث إلا مدركا معنى الكلام، خفيف الظل يداعب الكلمات بأسلوب خفيف، يصنع صورا شعرية متعددة الأبعاد، يمتع الأذان شعرا و أدبا، و يروح عن النفوس بروحه الفكاهية. محبوب المعاشرة و المصاحبة. تسلل إلى عوالم الإبداع عن موهبة. مولوع بالمسرح الذي شكل عشقه الأبدي”.

يصف الصحافي إسماعيل احريملة شهرمان، صديقه و جاره في “الدريبة الجديدة” بحومة سيدي بنسليمان الجزولي، بـ”العفيف و الأصيل و الأنيق”، جازما بأن “سيدي محمد” ورث العفة عن والديه للامليكة و سيدي المهدي، شأنه في ذلك شأن باقي أفراد أسرته المراكشية الأصيلة.

و استدل احريملة، رئيس المكتب الجهوي للنقابة الوطنية للصحافة المغربية بمراكش، على ذلك بقصة معبرة وقعت، في أواخر حياة شهرمان، حين أخبر إحدى شقيقاته بأنه سيأتي برفقة أصدقاء لعيادة المبدع الراحل، فما كان منها إلا أن اشترطت بألا يحملوا معهم شيئا مما يُقدّم عادة في تلك الزيارات، و ألا يكتبوا عن مرضه خبرا خشية أن يُفهم ذلك على أنه استجداء معونة.

استمر العطاء الإبداعي لشهرمان طيلة 40 سنة، من 1969 حتى 2009، ظل خلالها قريبا من نبض البسطاء و لسان حالهم، دون أن يحظى بتكريم من السلطات أو البلدية، التي كان موظفا بسيطا فيها، قبل أن يتسلل المرض إلى جسده النحيل.

“لم يحظ شهرمان بالتقدير الحقيقي الذي كان يجب أن يحظى به فنان في مثل قيمته و قامته. عاش في آخر حياته في إقصاء تام متفردا بغربته في رحلة شاقة مع الفاقة و المرض، إلى أن رحل عن هذا العالم الذي لم يلق فيه و لو جزءا ضئيلا من الإنصاف” يقول الباحث الإعلامي أحمد رمزي الغضبان.

بعد تكريم شهرمان من طرف بعض زملائه في الدورة الثانية من المهرجان الغيواني، سنة 2013، ألمّت به وعكة صحية ظل يعاني من آثارها إلى أن توفي، صباح الأربعاء 4 أبريل 2013، ليوارى الثرى بمقبرة الزاوية العباسية.