“البهجة24” تكشف تفاصيل مثيرة حول اختلاس 188 مليون سنتيم من مستشفى ابن جرير (الجزء الثاني)
عبد الرحمان البصري
بعد توالي الاتهامات بالإهمال الطبي، فضيحة مالية هزّت، هذه المرة، المستشفى الإقليمي بابن جرير، وتتعلق باختلاس أكثر من 188 مليون سنتيم من وكالة المداخيل. القضية حُكم فيها على متهم وحيد، وهو ممرض كان مكلفا بجباية المداخيل (نائب شسيع المداخيل)، بـ 3 سنوات سجنا، بينها سنتان سجنا نافذا، بعدما أدين بجنايتي “اختلاس وتبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته”.
“البهجة24” تعيد تركيب قصة هذه القضية مستندة إلى المعطيات المثيرة التي كشفت عنها الأبحاث الأمنية المنجزة من طرف الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش، والتحقيق الإعدادي الذي أجراه قاضي التحقيق بالغرفة المكلفة بجرائم الأموال، وأطوار المحاكمة أمام غرفتي الجنايات باستئنافية المدينة نفسها.
في هذا الجزء الثاني تواصل “البهجة24” الكشف عن تفاصيل البحث التمهيدي، الذي أجرته الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش، التابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية.
مستشفى بدون خَزنة حديدية
عن المكان الذي كان يحتفظ فيه بالمبالغ المستخلصة، أجاب المشتكى به بأنه كان يقوم بالإيداع اليومي لهذه المبالغ بقباضة ابن جرير، بحكم عدم توفر المصلحة على خَزنة حديدية، لافتا إلى أنه سبق وأن أخبر رئيسه في العمل بانعدام الصندوق الحديدي بمكتبه، وتابع بأنه ومنذ 2018، أصبح يودعها قي الخزينة الإقليمية بقلعة السراغنة، وهي العملية التي أشار إلى أنها تتم تقريبا مرتين إلى ثلاث مرات شهريا.
وأوضح بأنه وبعد استخلاص المبالغ فإنه يسلمها للمقتصدة، كل ثلاثة أيام تقريبا،قبل أن تتصل به هاتفيا، بعد مرور 15 يوما، وتشعره بأنها أنجزت لائحة الدفع المتعلقة بتلك الفترة، وترجع إليه المبالغ، لافتا إلى أنها لم تكن تسلمه أي وصولات بتلك المبالغ التي كانت تتسلمها منه، مضيفا بأنه بعد تعيينها مقتصدة إقليمية بمندوبية الرحامنة خلفها مقتصد آخر تولى المهمة نفسها.
وبخصوص الوثائق المحاسباتية الواجب مسكها، صرّح بأنه كان يعتمد فقط على دفتر الوصولات لحصر المبالغ المستخلصة، و لم يكن يمسك بسجل الصندوق ولا بأي سجلات أخرى، نافيا علمه بباقي السجلات و عازيا ذلك لعدم استفادته من أي دورة تكوينية في مجال تدبير المصلحة.
وأرجع للسبب نفسه جهله بالفترة المحددة قانونيا لإيداع المداخيل بالخزينة الإقليمية، وعدم إطلاعه على القرار المشترك التعديلي المتعلق بإحداث مصلحة شساعة المداخيل بالمركز الاستشئفائي الإقليمي بالرحامنة، والذي ينص البند الثاني منه على أن المداخيل يجب دفعها عندما يصل سقفها لـ 60000 درهم (6 ملايين سنتيم) كل شهر كيفما كانت قيمة المبلغ المتحصل عليه.
رسالة قبيل تفجُّر الفضيحة
ستة أيام قبل تفجُّر هذه الفضيحة المالية، وجّه مدير المستشفى رسالة، بتاريخ 24 شتنبر 2020، إلى نائب الشسيع يثير فيها موضوع تأخره في إيداع مداخيل شهري يوليوز وغشت من السنة نفسها. ولم يتأخر الرد كثيرا، ففي اليوم الموالي تلقى منه رسالة توضيحية يروي فيها أسباب التأخير.
ألقى نائب الشسيع بمسؤولية التأخير على مشجب جهله بالمدة القانونية لعملية إيداع المداخيل لعدم استفادته من أي تكوين محاسباتي، كما أرجعه إلى إصابته بداء مزمن، و لتفشي وباء كورونا الذي قال إنه منعه من مزاولة مهامه، فضلا عن إرجاع الوصولات من طرف بعض المرضى لعدم استفادتهم من الخدمات الصحية بسبب الأعطاب التقنية التي تصيب بعض التجهيزات الطبية (السكانير مثلا)، قبل أن يعود ويوضح بأن الوصولات المسترجعة يتم التأشير عليها من طرف مدير المستشفى ويُحتفظ بها في الأرشيف مع كتابة كلمة “ملغى” بهامشها.