“البهجة24” تكشف تفاصيل مثيرة حول اختلاس 188 مليون سنتيم من مستشفى ابن جرير (الجزء الثالث)
عبد الرحمان البصري
بعد توالي الاتهامات بالإهمال الطبي، فضيحة مالية هزّت، هذه المرة، المستشفى الإقليمي بابن جرير، وتتعلق باختلاس أكثر من 188 مليون سنتيم من وكالة المداخيل. القضية حُكم فيها على متهم وحيد، وهو ممرض كان مكلفا بجباية المداخيل (نائب شسيع المداخيل)، بـ 3 سنوات سجنا، بينها سنتان سجنا نافذا، بعدما أدين بجنايتي “اختلاس وتبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته”.
“البهجة24” تعيد تركيب قصة هذه القضية مستندة إلى المعطيات المثيرة التي كشفت عنها الأبحاث الأمنية المنجزة من طرف الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش، والتحقيق الإعدادي الذي أجراه قاضي التحقيق بالغرفة المكلفة بجرائم الأموال، وأطوار المحاكمة أمام غرفتي الجنايات باستئنافية المدينة نفسها.
في الحلقة الثالثة تكشف “البهجة24” معطيات عن استنطاق المتهم من طرف قاضي التحقيق، الذي أحاله على المحاكمة، في حالة اعتقال، أمام غرفة الجنايات الابتدائية المخنصة في جرائم الأموال.
أكثر من 100 مليون أودعها المتهم في حسابه البنكي
بعد انتهاء الأبحاث الأمنية، أجريت مسطرة التقديم لنائب الشسيع، في حالة اعتقال، أمام الوكيل العام، الذي أحاله على قاضي التحقيق بالغرفة الثالثة لإجراء تحقيق إعدادي في مواجهته بشأن الاشتباه في ارتكابه جنايتي “اختلاس وتبديد أموال عامة موضوعة تحت يده بمقتضى وظيفته”، المنصوص عليهما وعلى عقوبتهما في الفصل 241 من القانون الجنائي، ملتمسا وضعه تحت الاعتقال الاحتياطي، وهو الملتمس الذي أيّده قاضي التحقيق الذي قرر، في ختام جلسة الاستنطاق الابتدائي، تحرير أمر مكتوب بإيداعه سجن “الأوداية”، ضواحي مراكش.
وعلى غرار تصريحاته أمام الضابطة القضائية، نفى، خلال مرحلة التحقيق، علمه بمآل العجز المالي الذي كشفت لجنة التفتيش النقاب عنه، مشيرا إلى أنه، خلال الفترة التي تكون فيها المقتصدة في عطلة أو إجازة، كان يودع المبالغ المستخلصة من المرضى في حسابه البنكي الشخصي المفتوح بإحدى الوكالات بابن جرير، في انتظار أن تلتحق المقتصدة بعملها مجددا ليعود ويسحب المبالغ لإيداعها بالخزينة الإقليمية.
وقد عرض عليه قاضي التحقيق مجموعة من الوصولات بإيداعات نقدية في حسابه البنكي، تؤكد بأنه تم إيداع ما مجموعه 1038084 درهما (أكثر من 103 مليون سنتيم) خلال 3 سنوات، فقد تم وضع ما مجموعه 350196 درهما (أكثر من 35 مليون سنتيم)، في 2018، و 535580 درهما (أكثر من 53 مليون سنتيم) في 2019، و 152308 دراهم (أكثر من 15 مليون سنتيم) في 2020.
وأجاب بأن هذه الإيداعات هي خليط بين ماله الخاص و الإيداعات المتعلقة بمداخيل المستشفى، التي قال إنه كان يسحبها لاحقا ويودعها بالخزينة الإقليمية.
وحين عرض عليه قاضي التحقيق نسخة من قرار تعيينه كنائب للشسيع، مؤرخ في 17 يناير 2017، صرّح بأنه لم يتوصل به البتّة، وحين مواجهته بتصريح مكتوب للمقتصدة،مؤرخ في 21 أكتوبر 2020، مفاده بأنه المسؤول عن استخلاص الرسوم الطبية، أجاب بأنها هي كذلك مسؤولة.
الدفاع: الملف تحوم حوله شكوك والمتهم لم يكن وحده المسؤول عن المداخيل
بناءً على الأمر بالإحالة الصادر عن قاضي التحقيق، بتاريخ 31 مارس 2021، تم إدراج القضية بجلسة 30 يونيو من السنة ذاتها أمام غرفة الجنايات الابتدائية الخاصة بجرائم الأموال باستئنافية مراكش، أُحضر لها المتهم في حالة اعتقال.
وعند إشعاره بالمنسوب إليه، أقرّ بأنه كان يودع جزءً من المبالغ المحصلة بحسابه البنكي، وأن ذلك كان بإذن من المقتصدة، نافيا قيامه بأي تحويل من حسابه لفائدة الخزينة، كما نفى علمه بمآل وصولات مداخيل سنة 2017 المختفية من الأرشيف دون باقي السنوات، معتبرا بأن الخصاص المالي يعود لسنوات خلت.
ورافع دفاعه معتبرا بأن الملف تحوم حوله شكوك وأن مؤازره لم يكن وحده المسؤول عن المداخيل، مشيرا إلى أنه تسلم المهام من سلفه في ظروف غير عادية ودون إنجاز أي محضر، والتمس استدعاء المقتصدة وإجراء خبرة لتحديد العجز المالي ومكامن الخلل، واحتياطيا التصريح ببراءته وعدم الاختصاص في المطالب المدنية واحتياطيا جدا تمتيعه بأوسع ظروف التخفيف.
وفي الوقت الذي أكد فيه نائب الطرف المدني على مذكرة مطالبه المدنية المقدمة باسم الدولة المغربية، في شخص رئيس الحكومة ووزير الاقتصاد و المالية والخازن العام للمملكة، التمس ممثل الحق العام إدانة المتهم ومعاقبته بأقصى ما تنص عليه فصول المتابعة.