بسبب عدم اتخاذه إجراءات العزل ضد رئيس جماعة سيدي بوعثمان لتضارب المصالح..القضاء الإداري يؤيد إلغاء قرار ضمني لعامل الرحامنة
بعد ثلاثة أشهر على الحكم الابتدائي، قضت محكمة الاستئناف الإدارية بمراكش، أمس الثلاثاء 28 أكتوبر الجاري، بتأييد الحكم المستأنف الذي ألغى القرار الضمني لعامل بعدم اتخاذه إجراءات العزل في حق رئيس مجلس سيدي بوعثمان، طارق طاها، مع ما يترتب عن ذلك قانونا.
وكان الحكم الابتدائي الصادر عن إدارية مراكش، الثلاثاء 29 يوليوز الماضي، قضى، في الشكل، بعدم قبول الطعن بشأن عزل الرئيس، المنتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، و تجريده من العضوية، والذي تقدم به نائبه الرابع، رضوان شبل، المنتسب للحزب نفسه، موضحا فيه أن “الرئيس يوجد في وضعية تضارب المصالح بسبب استغلال والده منزلا تابعا للجماعة على سبيل الكراء”.
“قرار سلبي”
وترجع وقائع القضية لتاريخ 19 يونيو المنصرم، حين لجأ النائب الرابع للقضاء الإداري، عن طريق المحامي عبد الرحيم تق تق، من هيئة مراكش، موضحا أنه سبق وأن وجّه شكاية، بتاريخ 12 مارس الماضي، لعامل الإقليم حول “مخالفة صريحة من الرئيس للمادتين 64 و65 من القانون التنظيمي للجماعات”، ثم عاد وراسله، الخميس 17 أبريل الفائت، مستفسرا عن مآل شكايته، دون أن يتوصل بأي جواب.
واعتبر المقال الافتتاحي للدعوى بأن “سكوت العامل وعدم اتخاذه أي إجراء” يعد “قرارا سلبيا يستدعي الطعن فيه أمام القضاء لإلغائه”.
وأكد المدعي بأن علاقة الكراء بين والد الرئيس والجماعة ثابتة، مستدلا على ذلك بالتقرير الصادر عن المجلس الجهوي للحسابات لجهة مراكش-آسفي في الملف عدد 11/2017/م.ت، الذي سجل إقدام مكترين على إحداث تغييرات على الأكرية الجماعية دون ترخيص، معطيا المثال على ذلك بحالة والد الرئيس الذي استخرج من المنزل محلا لصباغة السيارات (طولوري)، والذي “تم إدراجه ضمن الدكاكين الجماعية تحت رقم 46 بالرغم من عدم إعمال الشروط والمساطر” يقول التقرير.
وتابع بأن العلاقة الكرائية ثابتة، أيضا، من خلال أداء أب الرئيس لفواتير الماء والكهرباء الخاصة بالمحل الجماعي.
وأشار لى أن والد الرئيس وقّع عقد تنازل عن المنزل الكائن بالحي الإداري لفائدة أحد الأشخاص، وهو الإجراء الذي اعتبره “صوريا وغير قانوني”، موضحا أنه مادام يكتري عقارا جماعيا فقد كان حريا به التنازل عنه لفائدة الجماعة، ومضيفا بأن إبرام التنازل خلال فترة رئاسة ابنه “يجعل هذا الأخير في مخالفة واضحة للقانون التنظيمي للجماعات”.
“الرئيس لا يتحمّل المسؤولية”
من جهته، نفى عامل الإقليم، أن يكون تقاعس عن الرد على الشكاية، مدليا للمحكمة، بواسطة المحاميين النقيب محمد الحبيب موفق وعبد الرزاق الزيتوني، من هيئة مراكش، برسالة جوابية بتاريخ 28 أبريل 2025.
وأضاف بأنه راسل باشا سيدي بوعثمان لاتخاذ الإجراءات القانونية لإنهاء حالة تنازع المصالح بين الرئيس والجماعة في حالة ثبوتها، نافيا أن يكون التزم الصمت حول التظلم، ومعتبرا بأنه لا وجود لأي قرار سلبي.
كما اعتبر بأن الوقائع الواردة في طعن المدعي لا دخل للرئيس بها، وأن تنازل والده عن المنزل، في حال ثبوت الواقعة، لا يمكن تحميل مسؤوليته للرئيس، الذي قال إنه لم يبرم عقد الكراء مع الجماعة، سواء بصفته الشخصية أو كوكيل عن والده، خالصا إلى أن الشروط المنصوص عليها في المادة 65 منتفية في نازلة الحال.
من جانبه، التمس الرئيس، بواسطة المحامي محمد صباري، عدم قبول الدعوى شكلا، معللا ذلك بعدم التزامها بالمادة 265 من القانون التنظيمي التي تنص على إخبار رئيس الجماعة وتوجيه مذكرة لعامل الإقليم، معتبرا بأن المدعي “تقدم بمقال يتضمن مزاعم لم يعززها بأي حجة إثبات”، مدليا تفيد بأن المنزل الذي يقيم فيه والده بالحي الإداري مشيد على أرض تابعة للأملاك المخزنية.
تعليلات الحكم
و قد عللت إدارية مراكش حكمها الابتدائي رقم 2983، في الشكل، بألا صفة للطاعن/النائب الرابع في تقديم طلب عزل الرئيس، موضحة أن المادة 64 من القانون التنظيمي للجماعات منحت صلاحية مباشرة مسطرة العزل لسلطة المراقبة، ممثلة في عامل الإقليم أو من ينوب عنه.
كما اعتبر الحكم بأن الطاعن لا صفة له في طلب تجريد الرئيس من عضوية المجلس، موضحا أن المادة 51 من القانون ذاته حصرت الجهة المخول لها التقدم بالطلب المذكور في رئيس المجلس الجماعي أو الحزب الذي ترشح باسمه المطلوب تجريده.
أما في الموضوع، فقد عللته بثبوت ربط والد الرئيس لمصالح خاصة مع الجماعة التي يترأسها ابنه، وهو ما قالت إنه “يجعل شروط تطبيق مقتضيات المادة 65 من القانون التنظيمي متوفرة في نازلة الحال، ولا يجدي نفعا تنازله عن المحل الجماعي لفائدة الغير، في غياب فسح عقد الكراء مع الجماعة قبل الترشح للانتخابات الجماعية الأخيرة”.
وتابعت بأنه لا يجدي نفعا، أيضا، “الاحتجاج بكون العقار يقع جزئيا بملك الدولة طالما أن العلاقة الكرائية مع الجماعة استمرت بعد ترشح وانتخاب الرئيس”.

