الفرقة الجهوية للشرطة القضائية تحلّ بالمستودع البلدي بابن جرير للتحقيق في اقتناء شاحنات بمليار و288 مليون سنتيم بدون إجراء صفقة
في إطار البحث القضائي التمهيدي الذي تجريه بشأن اقتناء الجماعة الترابية لابن جرير شاحنات و معدات تستعمل في قطاع النظافة، بتكلفة إجمالية بلغت 12882000 درهم (أكثر من مليار و 288 مليون سنتيم)، عن طريق الإسناد المباشر لفائدة إحدى الشركات، و بدون إجراء أي صفقة عمومية، حلّت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بمراكش، أمس الخميس 14 دجنبر الجاري، بالمستودع البلدي.
و حسب مصادر مطلعة، فقد استمع عنصران من الفرقة، التابعة للفرقة الوطنية للشرطة القضائية، لإفادة موظفين اثنين، و يتعلق الأمر بكل من “م.ل”، رئيس مصلحة البيئة و الأشغال الجماعية، و “م.خ”، المكلف بالآليات، الذي قالت الشكاية، التي تم فتح البحث الأمني على خلفيتها، بأنه رفض التوقيع على محضر تسلّم الشاحنات و المعدات المذكورة.
و استنادا للمصادر نفسها، فقد انطلق البحث، في حدود منتصف الزوال، و استغرق زهاء أربع ساعات.
و قد عاين خلاله المحققان الحالة الميكانيكية للشاحنات، و بعض الآليات المتوقفة بالمستودع، كما اطّلعا على جميع الوثائق المتعلقة بالاقتناء.
و كانت الضابطة القضائية استهلت البحث الأمني، الخميس 17 غشت المنصرم، بالاستماع إلى المستشار الجماعي ميلود باها، الذي كان ينتمي لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، و الذي سبق له أن تقدّم بشكاية لدى الوكيل العام بمراكش، الاثنين 17 يوليوز الماضي، أوضح فيها بأن جماعة ابن جرير تلقت دعما ماليا من وزارة الداخلية قدره 13464400 درهم (أكثر من مليار و 346 مليون سنتيم) من أجل شراء شاحنات و آليات لاستعمالها في قطاع النظافة.
و تابع بأنه و بعدما اطّلع على ملف الاقتناء تبيّن له بأن رئيسة المجلس، المنتمية للحزب نفسه، لم تُعمل مبدأ المنافسة، موضحا بأنها و بدلا من الإعلان عن طلب عروض مفتوح، لجأت إلى إبرام عقد مباشر مع إحدى الشركات، فيما تم إقصاء الشركة التي قامت بإعداد قائمة الآليات و تحديد مواصفاتها و أسعارها، و التي تم اعتمادها من طرف الجهة المانحة.
و وفقا لمصادرنا، فقد وافقت وزارة الداخلية على تقديم دعم لجماعة ابن جرير، في إطار “رخصة برنامج”، من أجل تعزيز أسطولها في قطاع النظافة، حيث بدأ الإعداد للعملية، خلال أواخر الفترة الانتدابية السابقة، إذ اعتمدت الجماعة ملفا معدّا من طرف شركة “مكومار MECOMAR”، التي يوجد مقرها بالدار البيضاء، يتضمن الفواتير الأولية و المواصفات التقنية.
و تابعت المصادر ذاتها بأن الرئيسة الحالية أبرمت عقدا إداريا تحت عدد 2022/6، في إطار عقود القانون العام، مع شركة “تجهيزات المغرب MAROC EQUIPEMENT”، التي يوجد مقرها الاجتماعي بمدينة الصويرة، بتاريخ 27 أبريل 2022، ليتم الشروع في تسليم الجماعة الشاحنات والآليات، ابتداءً من تاريخ 16 ماي من السنة نفسها.
و أضافت مصادرنا بأنه لم تكد تمر سوى أسابيع قليلة حتى بدأت الأعطاب التقنية تصيب الأجهزة الملحقة بالشاحنات، خاصة المعدات الخاصة برفع حاويات الأزبال، كما وقف العمال على أن حمولة بعض شاحنات جمع النفايات تقل عن الشاحنات القديمة بحوالي النصف، و هو ما يصعّب من مأموريتهم و يؤدي إلى تأخير العملية عن وقتها المعتاد، ناهيك عن أن 3 آليات ظلت متوقفة بالمستودع البلدي بسبب الأعطال، و يتعلق الأمر بشاحنة غسل الحاويات، جرّافة، و الشاحنة المكنسة.
و تساءلت مصادرنا عن السر الكامن وراء لجوء الرئيسة إلى التعاقد المباشر، في الوقت الذي كان حريّا بها الإعلان عن صفقة عمومية وفقا للضوابط القانونية، خاصة و أن شرطي الاستعجال و عدم التوقع غير متوفرين لكي تلجأ لعقد القانون العام.
في المقابل، أرجعت الرئيسة اللجوء إلى عقد القانون العام بدل الصفقة إلى عاملين اثنين، يتعلق الأول بعنصر الاستعجال المتمثل في الخصاص الحاد الذي كان يعاني منه المستودع البلدي بسبب تهالك أسطوله و المطالب الملحة للساكنة بتجويد خدمات النظافة، فيما يتعلق الثاني بممارسة صلاحياتها التي منحها إياها المشرع.
و أوضحت، في اتصال هاتفي سابق أجرته معها “البهجة24″، بأن الملحق 5 من مرسوم الصفقات العمومية يعطي الصلاحية لرئيس الجماعة في إبرام العقد لاقتناء المنقولات و المَركبات.
و تابعت بأن إبرام العقد تم بعد استشارة أجرتها لجنة محلية مع 5 شركات، قبل أن يقع الاختيار على الشركة المتعاقد معها، لافتة إلى أن عدم انتقاء “مكومار” و شركة أخرى راجع لتنفيذ توصية لوزارة الداخلية تقضي باستبعاد الشركات التي تم اعتماد فواتيرها كمراجع للأثمنة.
و أكدت بأن جميع مراحل إعداد العقد كانت تتم باستشارة متواصلة مع عامل الإقليم و رئيس قسم الجماعات الترابية بالعمالة.
و أضافت بأن المرحلة الأخيرة شهدت انعقاد لجنة محلية للانتقاء، برئاسة رئيسة المجلس، قبل أن يتم التأشير على العقد من طرف عامل الإقليم، بعد إخضاعه لافتحاص من طرف رئيس قسم الجماعات الترابية بالعمالة، ليُحال في الأخير على المديرية العامة للجماعات الترابية.
و نفت بأن تكون البلدية تسلمت شاحنات تعتريها عيوب تقنية، مذكّرة بأن العقد مشمول بضمانة لمدة سنة، و مرجعة عدم استعمال بعض المَركبات لعدم توفر الجماعة على سائقين مؤهلين تقنيا.