الملك محمد السادس يدعو للتشبث بالجدية بمعناها المغربي الأصيل..أكد على عدم التساهل مع الاستعمال الفوضوي للماء..ومدّ اليد مجددا للجزائر لإعادة فتح الحدود
دعا الملك محمد السادس إلى التشبث بالجدية بمعناها المغربي الأصيل، في ظل ما يعرفه العالم من اهتزاز في منظومة القيم والمرجعيات وتداخل العديد من الأزمات.
وحدد، خلال خطاب عيد العرش الذي تم بثه ابتداءً من الساعة التاسعة من مساء اليوم السبت 29 يوليوز الجاري، الخطوط العريضة للجدية المغربية الأصيلة، متمثلة في التمسك بالقيم الدينية والوطنية وبشعار: الله – الوطن – الملك؛ و التشبث بالوحدة الوطنية والترابية للبلاد؛ و صيانة الروابط الاجتماعية والعائلية من أجل مجتمع متضامن ومتماسك؛ و مواصلة المسار التنموي من أجل تحقيق التقدم الاقتصادي، وتعزيز العدالة الاجتماعية والمجالية.
واستهل الخطاب بالتذكير بأن التلاحم الدائم والتجاوب التلقائي بين العرش والشعب هو الذي مكن المغرب من إقامة دولة – أمة تضرب جذورها في أعماق التاريخ، داعيا إلى التمسك بهذه الجدية للارتقاء بما وصل إليه المسار التنموي من درجة في التقدم والنضج إلى مرحلة جديدة وفتح آفاق أوسع من الإصلاحات والمشاريع الكبرى التي يستحقها المغاربة.
وأكد بأن هذه الدعوة ليست شعارا فارغا أو مجرد قيمة صورية، وإنما هو مفهوم متكامل يشمل مجموعة من المبادئ العملية والقيم الإنساني، موضحا بأنه كلما كانت الجدية حافزا كلما تم النجاح في تجاوز الصعوبات ورفع التحديات.
وتابع بأن الشباب المغربي، متى توفرت له الظروف وتسلح بالجد وبروح الوطنية، دائما ما يبهر العالم بإنجازات كبيرة وغير مسبوقة، مستدلا على ذلك بما حققه المنتخب الوطني في كأس العالم، ومؤكدا بأنها الروح نفسها التي كانت وراء قرار تقديم ملف ترشيح مشترك مع إسبانيا والبرتغال لاحتضان نهائيات كأس العالم لكرة القدم 2030، التي يتطلع ويعمل المغرب على أن تكون تاريخية على جميع المستويات.
وأضاف الملك محمد السادس بأن الجدية تتجلى، أيضا، في مجال الإبداع والابتكار الذي يتميز به الشباب المغربي في مختلف المجالات، مشيدا بإنتاج أول سيارة مغربية محلية الصنع بكفاءات وطنية وتمويل مغربي، وكذا تقديم أول نموذج لسيارة تعمل بالهيدروجين قام بتطويرها شاب مغربي، “وهي المشاريع التي تؤكد النبوغ المغربي والثقة في طاقات وقدرات شبابه، وتشجعه على المزيد من الاجتهاد والابتكار، وتعزز علامة “صُنع في المغرب” وتقوي مكانة البلاد كوجهة للاستثمار المنتج”.
وأكد جلالته بأن الجدية تتجسد عندما يتعلق الأمر بقضية الوحدة الترابية، موضحا بأن هذه الجدية والمشروعية هي التي أثمرت توالي الاعترافات بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية؛ وآخرها اعتراف دولة إسرائيل، وفتح القنصليات بالعيون والداخلة، وتزايد الدعم لمبادرة الحكم الذاتي.
و جدد التأكيد على موقف المغرب الراسخ بخصوص عدالة القضية الفلسطينية والحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، بما يضمن الأمن والاستقرار لجميع شعوب المنطقة.
وتابع جلالته بأن الجدية في الحياة السياسية والإدارية والقضائية تتجسد من خلال خدمة المواطن واختيار الكفاءات المؤهلة وتغليب المصالح العليا للوطن والمواطنين والترفع عن المزايدات والحسابات الضيقة، مضيفا بأن الجدية كمنهج متكامل تقتضي ربط ممارسة المسؤولية بالمحاسبة وإشاعة قيم الحكامة والعمل والاستحقاق وتكافؤ الفرص.
وأكد بأن الحاجة ماسة إلى الجدية وإشاعة الثقة واستثمار الفرص الجديدة لتعزيز صمود وانتعاش الاقتصاد الوطني، خاصة مع ظهور بعض بوادر التراجع التدريجي لضغوط التضخم على المستوى العالمي, مستعرضا بعض المشاريع التي تم إطلاقها، في هذا الإطار، كمشروع الاستثمار الأخضر للمكتب الشريف للفوسفاط، و تسريع مسار قطاع الطاقات المتجددة، و مشروع “عرض المغرب” في مجال الهيدروجين الأخضر.
واستكمالا لورش الحماية الاجتماعية، أكد بأنه يُنتظر الشروع، نهاية هذا العام، كما كان مقررا في منح التعويضات الاجتماعية لفائدة الأسر المستهدفة.
واعتبر جلالته بأن مجال تدبير الموارد المائية يتطلب المزيد من الجدية واليقظة، داعيا للتتبع الدقيق لكل مراحل تنفيذ البرنامج الوطني للماء لفترة 2020-2027، و مؤكدا أنه لن يتم التساهل مع أي شكل من أشكال سوء الحكامة والتدبير والاستعمال الفوضوي اللا مسؤول للماء.
وتابع بأن العمل على خدمة الشعب المغربي لا يقتصر فقط على القضايا الداخلية وإنما الحرص أيضا على إقامة علاقات وطيدة مع الدول الشقيقة والصديقة، خاصة دول الجوار.
وفي هذا الصدد، جدد التأكيد للقيادة والشعب الجزائري بأن المغرب لن يكون أبدا مصدر أي شر أو سوء؛ مشددا على الأهمية البالغة التي يوليها لروابط المحبة والصداقة والتبادل والتواصل بين الشعبين، سائلا الله تعالى أن تعود الأمور إلى طبيعتها، ويتم فـتح الحدود بين البلدين والشعبين الجارين الشقيقين.