المياه العادمة الصناعية تُلوث مجددا سيدي بوعثمان
على بعد أقل من شهر على انتهاء عقد تدبير محطة المعالجة، عادت المياه العادمة الصناعية الصادرة عن شركات الحي الصناعي بسيدي بوعثمان، مجددا، إلى تلويث المجال الغابوي بمحاذاة الطريق الوطنية الرابطة بين الدار البيضاء و مراكش.
و من المقرر أن يحتضن مقر باشوية المدينة، غدا الأربعاء 18 شتنبر الجاري، اجتماعا للسلطة المحلية و الجماعة الترابية و مجموعة “العمران” و جمعية أرباب المصانع، للتداول بشأن الطريقة المثلى لتدبير المحطة، التي كلفت أشغال إنجازها 61 مليون درهم (6 ملايير و 100 مليون سنتيم)، و ينتهي عقد تدبيرها من طرف “العمران”، الخميس 10 أكتوبر المقبل، بعدما تولت المهمة المذكورة ثلاث سنوات، بالإضافة إلى تمديد لعامين إضافيين.
و حسب مصادر مطلعة، فإن عودة قذف المياه العادمة الصناعية مباشرة في الوسط الطبيعي بدون معالجة أولية، تحدث في الوقت الذي تتهرب فيه أكثر من جهة رسمية الاضطلاع لوحدها بتدبير المحطة.
و أوضحت المصادر ذاتها بأن “العمران” تتذرع بأن المهمة كانت تكلفها 3 ملايين درهم (300 مليون سنتيم) سنويا، فيما يعتبر المكتب الوطني للكهرباء و الماء الصالح للشرب بأن تدبير محطات معالجة المياه العادمة الصناعية لا يدخل البتة في اختصاصاته، أما الجماعة فتؤكد بأن مصاريف التدبير تفوق مواردها المالية، في الوقت الذي تدعو فيه فعاليات سياسية و مدنية إلى ضرورة إشراك جمعية أرباب المصانع في تدبير المحطة إلى جانب الجهات المذكورة.
و تُرجع مصادر محلية عودة تسرب المياه العادمة للأشجار و الآبار و قنوات مياه الشرب، إلى اختناق قنوات المحطة المذكورة بسبب مخلفات بعض الشركات الواقعة بالحي الصناعي.
و أوضحت المصادر نفسها بأن المجلس الجماعي سبق له أن راسل عامل الإقليم، في مناسبة سابقة، لإشعاره بخرق بعض المصانع بنود دفتر التحملات الخاص بالمنطقة الصناعية، و عدم التزامها بتوصيات اللجنة الإقليمية، التي سبق لها أن شددت على ضرورة المعالجة الأولية للمياه العادمة الصناعية، من خلال تجميعها بأحواض داخل هذه الوحدات، و إحداث محطات صغيرة للمعالجة خاصة بكل مصنع.
في غضون ذلك، أكدت جمعية قلوب بيضاء للأعمال الاجتماعية و التنمية، في بيان، بأنها “تتابع بقلق بالغ الوضع البيئي المتدهور في منطقة سيدي بوعثمان، خاصة ما يتعلق بمحطة تصفية المياه العادمة للحي الصناعي”، معبّرة عن “استيائنها الشديد من الكارثة البيئية الناجمة عن تسرب المياه الملوثة و انتشار الروائح الكريهة على امتداد الطريق الوطنية رقم 9”.
و طالبت الجمعية بـ”الكشف الفوري عن أسباب هذه المشكلة و تحديد المسؤولين عنها”، و “اتخاذ إجراءات عاجلة لوقف تسرب المياه الملوثة و معالجة آثارها البيئية”، و “تفعيل منشأة التصفية بشكل كامل و فعال لضمان معالجة المياه العادمة بالشكل المطلوب”، و “توظيف كفاءات متخصصة لتسيير محطة التصفية و ضمان عملها بكفاءة عالية”، و “إجراء دراسة شاملة حول الآثار البيئية و الصحية المحتملة على السكان و الفرشة المائية”.
و سبق لعامل الرحامنة أن أشرف، الخميس 9 يناير 2020، على تدشين محطة المعالجة، المحدثة بتمويل من “العمران”، و المشيدة على بقعة أرضية ممتدة على مساحة 6000 متر مربع، وفرتها الجماعة في إطار اتفاقية شراكة.
يُشار إلى أن مدينة سيدي بوعثمان و ضواحيها ظلت تعاني، لسنوات طويلة، من مشكل بيئي بسبب مجاري المياه العادمة الصناعية التي كانت تُغرق الحقول و المجال الغابوي لمساحة تمتد لأكثر من 8 كيلومترات بمحاذاة خط السكك الحديدية و الطريق الوطنية رقم 9، و تؤدي إلى انبعاث الروائح الكريهة و انتشار الحشرات، قبل أن يتم إحداث محطة المعالجة بهدف وضع حد لمعاناة السكان و وقف إتلاف الغابة، غير أن المياه العادمة تعود، بين فترة و أخرى، لتتسرب.
يُذكر، أيضا، بأنه سبق لهيئات المجتمع المدني بالإقليم أن نظمت وقفات احتجاجية نددت خلالها بإحداث حي صناعي، يمتد على 107 هكتارات، بدون شبكة تطهير، و هو الحي الذي تم إنجازه في إطار شراكة بين الوزارة المكلفة بالصناعة و “العمران”، بكلفة إجمالية تصل إلى 14 مليار و 260 مليون سنتيم، ساهمت فيها الدولة بـ4 ملايير سنتيم، عن طريق صندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية.