مراكش..تنظيم ندوة حول عبور الأجناس الأدبية في التجربة الإبداعية لياسين عدنان ـصور

مراكش..تنظيم ندوة حول عبور الأجناس الأدبية في التجربة الإبداعية لياسين عدنان ـصور

محمد تكناوي

في إطار سعيه الدؤوب نحو بلورة خطاب ثقافي رصين يقوم أساسا على إعادة الاعتبار للسؤال المعرفي و الجمالي و الأدبي، افتتح مختبر تكامل المناهج في تحليل الخطاب بكلية اللغة العربية، التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، موسمه الثقافي و العلمي، أمس الخميس 12 دجنبر الجاري، بتنظيم ندوة علمية موسومة بـ«التداخل الأجناسي في التجربة الإبداعية لياسين عدنان».

الندوة، التي عرفت حضورا لافتا لعدد من الأكاديميين و النقاد و الباحثين و الطلبة و الإعلاميين، شكلت لحظة معرفية قوية بشهادة كل المتتبعين و المتخصصين.

و تميزت الجلسة الصباحية، التي ترأسها عميد كلية اللغة العربية، بتلاوة الورقة الخاصة بالندوة التي اعتبرت أن الأسماء النقدية و الأكاديمية  المشاركة فيها  عملت على تشريح سيرة الأديب ياسين عدنان و إبراز ما تحبل به تجربته الأدبية من لذة على مستوى الكتابة و التخييل.

و تأتي قيمة هذه الندوة العلمية في كونها تنير الطريق للعديد من المختبرات الأخرى داخل الجامعات، من أجل تسليط الضوء على التجارب الأدبية المعاصرة، سيما تلك التي تميّزت نصوصها بالعديد من الإبدالات الهامة، و التي تقود الأديب إلى البحث عن عوالم متخيّلة و أشكال جديدة تجعل تجربته تتمتع ببعضٍ من المغايرة و الاختلاف على المستوى الإبداعي.

تجربة صاحب «مدائن معلقة» تتميز بنزعة مغايرة، ذلك أن كتاباته غنية و متنوّعة و تتوزع بين الكتابة في الشعر و الرحلة و الرواية، بما يجعل مؤلفاته تُقدّم رؤية دقيقة حول طبيعة و مفهوم الكتابة الأدبية المعاصرة و قدرتها على تحقيق نوع من الاختراق على مستوى الأجناس الأدبية. فالكتابة المعاصرة بهذا العبور الأجناسي هو ما يُتيح للأديب إمكانية أن يكتب الشعر في الرواية و يستلهم في نفس الوقت بعضا من تقنيات الرواية داخل الأعمال الشعرية.

كما حرص ياسين عدنان في عددٍ من رحلاته على ضخ دماء جديدة في اللغة، بحيث تتوفر هذه النصوص على لغة شعرية أصيلة يصعب العثور عليها أحيانا داخل نصوص شعرية لكتاب مغاربة آخرين. فهذا الوعي بقيمة العبور من جنس إلى آخر، يعطي للكتابة فرادتها و قيمتها من الناحية الجمالية.

و  ياسين عدنان هو  واحد من الروائيين المغاربة القلائل الذين يزاوجون بين كتابة الرواية و الشعر، دون أن يُحدث قطيعة بينهما، و ذلك من خلال الالتزام بالمقومات الفنية و المنطلقات الجمالية، المستندة على اللغة التي تحظى بمركزية أساسية في بناء متخيَّله الروائي،  فتحوله من الشعر و القصة إلى الرواية  كان عن وعي ثقافي و أدبي  بالقدرة على  إدماج اللغة الشعرية بتقنياتها و أساليبها الجمالية و الفنية.

و لقد وُفِّق عدنان إلى حد كبير في استحضار اللغة الشعرية في باكورة أعماله الروائية  “هوت ماروك”، فهناك العديد من الإشارات اللغوية التي تؤكد شعرية اللغة الروائية في النص، بل إنه بقي وفيا  لشاعريته  ولم ينسلخ عن الشعر و  الإمكانية  التي يتيحها  لخدمة الرواية و التفاعل معها من حيث اللغة و الأسلوب و حتى القضايا التي يعالجها في الجنسين: الشعر و الرواية.

الأعمال السردية  لياسين عدنان تفرض على  القارئ ملامستها باحتياطات كثيرة، فهي تبنى عبر لغة مشحونة بالدلالات و الرموز، و شكلها في الكتابة يتطلب  التفكير في إيجاد مخارج من متاهات السرد المضلل بأفق و تقنيات دقيقة، تدفع القارئ إلى مراجعة منطلقاته النقدية و المعرفية كل حين، و هذا  يتأسس على خبرة عدنان باللغة العربية و تشعب متخيله و غناه.